للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكْتَحَلُ بِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ يَحْتَاجَ إلَى جِلَاءِ عَيْنِهِ بِالْمِيلِ فَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ، وَالْوُضُوءُ مِنْهُ صَحِيحٌ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ حَلَالٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِخُصُوصِ مَا ذُكِرَ. وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الْإِنَاءِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَمَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُمَا يَحْرُمُ أَيْضًا اتِّخَاذُهُمَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ، لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَلَا لِغَيْرِهِمْ يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ كَآلَةِ الْمَلَاهِي، (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) مَا عَدَا ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ مُوِّهَ غَيْرُ النَّقْدِ كَإِنَاءِ نُحَاسٍ وَخَاتَمٍ وَآلَةِ حَرْبٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ بِالنَّقْدِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَوْ مُوِّهَ النَّقْدُ بِغَيْرِهِ أَوْ صَدَأٌ مَعَ حُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الْمُمَوَّهِ بِهِ أَوْ الصَّدَأِ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ لِقِلَّةِ الْمُمَوِّهِ فِي الْأُولَى فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَلِعَدَمِ الْخُيَلَاءِ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِقَصْدِ التَّدَاوِي وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّدَاوِي بِاللُّؤْلُؤِ فِي الِاكْتِحَالِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الذَّهَبِ ع ش عَلَى م ر. وَمِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ الِاحْتِوَاءُ عَلَى الْمِبْخَرَةِ أَوْ بَسْطُ الثَّوْبِ عَلَيْهَا أَوْ شَمُّ الْبَخُورِ مَعَ الْقُرْبِ مِنْهَا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُتَطَيِّبًا بِهَا، وَيَحْرُمُ تَبْخِيرُ نَحْوِ الْمَيِّتِ بِهَا أَيْضًا، وَمِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ أَيْضًا أَخْذُ مَاءِ الْوَرْدِ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْآنِيَةِ كَالْقُمْقُمِ لِاسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ بِصَبِّ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ النَّقْدُ عَلَى الْبَزْبُوزِ فَقَطْ، نَعَمْ إنْ أَخَذَ مِنْهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ وَضَعَ الْمَاءَ فِي الْيَمِينِ وَاسْتَعْمَلَهُ جَازَ أَيْ مَعَ حُرْمَةِ الْأَخْذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ حِينَئِذٍ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ م ر فِي شَرْحِهِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الطُّوخِيُّ وَقَالَ: وَلَا يُعَدُّ مَا ذَكَرَ اسْتِعْمَالًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ عَلَى الصَّابِّ وَحْدَهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْآخَرِ فِعْلٌ وَهَذِهِ حِيلَةٌ مُبِيحَةٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ هَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ مُبَاشَرَةِ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ إنَاءِ النَّقْدِ، أَمَّا حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ بِوَضْعِ مَظْرُوفِهِ فِيهِ وَحُرْمَةُ اتِّخَاذِهِ فَلَا حِيلَةَ فِيهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَتَحْرُمُ الْمُكْحُلَةُ وَالْمِرْوَدُ وَالْخِلَالُ وَالْإِبْرَةُ وَالْمِلْعَقَةُ وَالْمُشْطُ وَنَحْوُهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَالْكَرَاسِيُّ الَّتِي تُعْمَلُ لِلنِّسَاءِ مُلْحَقَةٌ بِالْآنِيَةِ كَالصُّنْدُوقِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ، وَالشَّرَارِيبُ الْفِضَّةُ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا آنِيَةً. قَالَ الطُّوخِيُّ: وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ اسْتِعْمَالُ سُرْمُوجَةٍ أَوْ قَبْقَابٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَهَا اسْتِعْمَالُ ثَوْبٍ مِنْهُمَا اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْمِلْعَقَةُ مِنْ اللَّعْقِ لِمَا فِيهَا مِنْ لَعْقِ الْآكِلِ بِهَا، وَيُقَالُ مَعْلَقَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ عُلُوقِ الطَّعَامِ بِهَا وَهِيَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ.

فَرْعٌ: إذَا حَرَّمْنَا الْجُلُوسَ تَحْتَ سَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فِي ظِلِّهِ الْخَارِجِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا قَرُبَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِجْمَرَةِ. اهـ. سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ إلَّا هَذَا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الذَّهَبِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَحُضُورُهَا حَاجَةٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (مَا يُخَلِّلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ خَلَّلَ، وَفِي جَعْلِ الْخِلَالِ مِنْ الْإِنَاءِ مُسَامَحَةٌ بِخِلَافِ الْمِيلِ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْكُحْلَ فَيُعَدُّ إنَاءً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَقَدْ يُقَالُ الْخِلَالُ أَيْضًا يَحْمِلُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْخِلَالَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأَغْبِيَاءُ يُبْدِلُونَهَا هَاءً فَلْيُحْذَرْ.

قَوْلُهُ: (جِلَاءِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ.

قَوْلُهُ: (فَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ) إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ فَبَعْدَهُ يَحْرُمُ وَيَجِبُ كَسْرُهُ كَمَا فِي الْإِطْفِيحِيِّ نَقْلًا عَنْ ع ش لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.

قَوْلُهُ: (لَا لِخُصُوصِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْأَخْذِ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ تُهَيَّأْ وَلَمْ تُطْبَعْ لِذَلِكَ لَا فِيمَا طُبِعَ وَهُيِّئَ مِنْهَا لِذَلِكَ أَيْ لِلِاسْتِنْجَاءِ، أَمَّا مَا طُبِعَ وَهُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَيُجْزِئُ، قَوْلُهُ: (اتِّخَاذُهُمَا) أَيْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ق ل. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْإِطْلَاقُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَرِيرِ بِأَنَّهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَلَا كَذَلِكَ الْحَرِيرُ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) هَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْمُلَائِمَةُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَالنُّسْخَةُ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْعَبَّادِيُّ هِيَ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَوَانِي وَهِيَ لَا تُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ مَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى هَذَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَإِنْ حَرُمَ لِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ احْتِرَامٍ كَجِلْدِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مُهْدَرًا كَحَرْبِيٍّ.

قَوْلُهُ: (وَخَاتَمٍ) فِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ الْخَاتَمِ مِنْ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ وَمُطْلَقًا لِامْرَأَةٍ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ فِضَّةٍ وَطُلِيَ بِالذَّهَبِ فَإِنَّهُ فِيهِ التَّفْصِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>