للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ غِنًى عَنْهُ بِأَنْ كَانَ لِلدَّارِ مَمَرٌّ آخَرُ، أَوْ أَمْكَنَهُ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهَا إلَى شَارِعٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِمَا لَا يُنْقَلُ بِقَوْلِهِ كَالْعَقَارِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَنْزِلِ وَلِلْأَرْضِ وَالضِّيَاعِ كَمَا فِي تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ وَتَحْرِيرِهِ حِكَايَةً عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الْعَقَارِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ كَالْحَمَّامِ الْكَبِيرِ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ، وَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ كُلَّ مَا يُنْقَلُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا كَمَا مَرَّ. وَمِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي لَا تَثْبُتُ فِيهِ شُفْعَةُ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَنْ يَمْلِكَ الْمَأْخُوذَ بِعِوَضٍ كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصُلْحِ دَمٍ، فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْ، وَإِنْ جَرَى سَبَبُ مِلْكِهِ كَالْجُعْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَا فِيمَا مُلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ تَأْخِيرُ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْآخِذِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي لَا لِلثَّانِي، وَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثَانِيًا لِأَجْلِ التَّصْوِيرِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ دَارِهِ) أَيْ الْخَاصَّةَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بُسْتَانَه الْخَاصَّ بِهِ وَلَهُ شَرِيكٌ فِي مَجْرَى النَّهْرِ الَّذِي لَا غِنَى عَنْهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ. وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَبَاعَ حِصَّتَهُ وَتَبِعَهَا حَقُّهَا فِي الْمَمَرِّ فَإِنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ مَعَ حَقِّهَا مِنْ الْمَمَرِّ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ: الثَّانِي تَثْبُتُ مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ لِشِرَائِهِ هَذِهِ الدَّارَ، وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ فِي اتِّخَاذِ الْمَمَرِّ عُسْرٌ أَوْ مُؤْنَةٌ لَهَا وَقْعٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَّسِعْ الْمَمَرُّ، فَإِنْ اتَّسَعَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ يَمُرُّ فِيهِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا. وَمَجْرَى النَّهْرِ كَالْمَمَرِّ فِيمَا ذَكَرَ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (كَالْعَقَارِ) مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يُنْقَلُ الَّذِي هُوَ الْأَرْضُ وَتَوَابِعُهَا. قَوْلُهُ: (وَالضِّيَاعِ) بِكَسْرِ الضَّادِ جَمْعُ ضَيْعَةٍ وَهِيَ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَتْرُكُهَا.

قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا) فَإِنْ كَانَ تَابِعًا ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ تَمَامُ الِانْتِفَاعِ بِالْعَقَارِ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْقُولِ كَالْأَبْوَابِ وَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَنْقُولِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمَنْقُولِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، أَوْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِتَابِعِهَا الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْأَرْضِ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْقُولِ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ.

قَوْلُهُ: (الْمُحْتَكَرَةِ) أَيْ الْمَجْعُولِ عَلَيْهَا أُجْرَةٌ مُؤَبَّدَةٌ. وَصُورَةُ الْمُحْتَكَرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ أَنْ يُؤَذَّنَ فِي الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ بِأُجْرَةٍ مُقَدَّرَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، فَهِيَ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا ع ش عَلَى م ر.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ حَجَرٍ: أَرَاضِي مِصْرَ كُلُّهَا وَقْفٌ؛ لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا. وَنُوزِعَ فِيهِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (كَمَبِيعٍ) مِثَالٌ لِلْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَهْرٍ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا نِصْفَ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَوْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ نِصْفِ الدَّارِ أَوْ نَقَصَ. وَقَوْلُهُ: " وَعِوَضِ خُلْعٍ " بِأَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى نِصْفِ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَوْلُهُ: " وَصُلْحِ دَمٍ " أَيْ عَمْدٍ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَتْلَ الْجَانِي فَصَالَحَهُ مِنْ الْقَوَدِ عَلَى نِصْفِ دَارِهِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الدَّارِ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ مُتَقَوِّمًا يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ) وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ يَأْخُذُ، بِأُجْرَةِ مِثْلِ الرَّدِّ ح ل.

قَوْلُهُ: (كَإِرْثٍ) كَأَنْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ نِصْفِ عَقَارٍ فَمَلَكَهُ وَارِثُهُ بِالْإِرْثِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمُوَرِّثِ، أَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ أَخَوَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا بَاعَ حِصَّتَهُ لِشَخْصٍ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لِلْأَخِ الثَّانِي. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَيْ أَوْ لَهُمَا سم. أَمَّا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>