للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذَ الشِّقْصَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ ثَمَانِينَ وَقِيمَةُ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ عِشْرِينَ أَخَذَ الشِّقْصَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيهَا عَالِمًا بِالْحَالِ. وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ الَّذِي قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ مَا إذَا اشْتَرَى بِجُزَافٍ نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، امْتَنَعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى الثَّمَنِ وَالْأَخْذُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلشُّفْعَةِ، وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْقَاءِ الضَّرَرِ.

وَصُوَرُهَا كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ بِكَثِيرٍ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ عَرْضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ يَحُطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ. وَمِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِمَجْهُولٍ مُشَاهَدٍ وَيَقْبِضَهُ وَيَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ بِلَا وَزْنٍ فِي الْمَوْزُونِ، أَوْ يُنْفِقَهُ أَوْ يُتْلِفَهُ. وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ جُزْءًا بِقِيمَةِ الْكُلِّ ثُمَّ يَهَبَهُ الْبَاقِيَ. وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَ كُلٌّ مِنْ مَالِكِ الشِّقْصِ وَآخِذُهُ لِلْآخَرِ بِأَنْ يَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ بِلَا ثَوَابٍ، ثُمَّ يَهَبَ لَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ، فَإِنْ خَشِيَ عَدَمَ الْوَفَاءِ بِالْهِبَةِ وَكَّلَا أَمِينَيْنِ لِيَقْبِضَاهُمَا مِنْهُمَا مَعًا بِأَنْ يَهَبَهُ الشِّقْصَ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ يَتَقَابَضَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِمُتَقَوِّمٍ قِيمَتَهُ مَجْهُولَةً كَفَصٍّ ثُمَّ يُضَيِّعُهُ أَوْ يَخْلِطُهُ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ وَلَا الْإِخْبَارُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَتْنِ وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّمَنِ أَيْ كُلِّهِ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ كُلَّ الْمَبِيعِ، أَوْ بَعْضَهُ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ بَعْضَ الْمَبِيعِ كَمَا هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ.

قَوْلُهُ: (بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنِ الشِّقْصِ وَالثَّوْبِ مَعًا، وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فِي هَذَا الْمِثَالِ.

قَوْلُهُ: (عَالِمًا بِالْحَالِ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ السُّؤَالُ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي قَدَّرْته) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ بِالثَّمَنِ الْمَعْلُومِ الَّذِي إلَخْ.

قَوْلُهُ: (بِجُزَافٍ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ جِيمُ الْجُزَافِ جُزَافٌ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ بِجُزَافٍ أَيْ مُشَاهَدٍ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ وَالْجُزَافُ بَيْعُ الشَّيْءِ وَشِرَاؤُهُ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسَاهَلَةِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. اهـ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ) أَيْ بِتَلَفِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ الْجَهْلُ، وَقَوْلُهُ " الْمُسْقِطَةِ " أَيْ الْحَامِلَةِ عَلَى تَرْكِهَا، فَدَخَلَ نَحْوُ الصُّورَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، أَمَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا فَتَحْرُمُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ م ر. وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ فِي الثَّانِيَةِ تَفْوِيتُهُ الْحَقَّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ. وَقَوْلُهُ " مَكْرُوهَةٌ " أَيْ لَا فِي دَفْعِ شُفْعَةِ الْجَارِ الَّذِي يَأْخُذُ بِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا، شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَصُوَرُهَا) أَيْ الْحِيَلِ كَثِيرَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ فَتَكُونُ كَثْرَةُ الثَّمَنِ مَانِعَةً لِلشَّفِيعِ مِنْ الْأَخْذِ، أَيْ بَاعِثَةً لَهُ عَلَى التَّرْكِ. فَسَقَطَ قَوْلُهُ ق ل: فِي جَعْلِهِ مِنْ الْحِيَلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحِيلَةَ مَا لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى الشَّيْءِ مَعَهَا وَهَذِهِ يُمْكِنُ الْوُصُولُ مَعَهَا اهـ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِيلَةِ الْبَاعِثُ عَلَى التَّرْكِ. وَإِيضَاحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنْ يَتَوَافَقَا بَاطِنًا عَلَى ثَمَنٍ قَلِيلٍ، ثُمَّ يُسَمِّيَا بَيْنَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ عَرْضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ بَاطِنًا وَيَجْعَلَاهُ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بَدَلِهِ.

قَوْلُهُ: (مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ) أَيْ قَبْلَ الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَهُ بِمَجْهُولٍ) هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ صُورَةِ الْجُزَافِ وَهِيَ الْأُولَى. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أُتِيَ بِهَا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ إلَخْ) وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِيهَا غَرَرٌ فَقَدْ لَا يَفِي صَاحِبُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَشِيَ) أَيْ كُلٌّ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: خَشِيَا، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ " وَكَّلَا " نَعَمْ الْإِفْرَادُ يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: أَنْ يَهَبَ. قَوْلُهُ: (لِيَقْبِضَاهُمَا) أَيْ الْأَمِينَانِ مِنْهُمَا أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ " مَعًا " لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ) أَيْ وَيَهَبَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَقَابَضَا شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ الَّذِي تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَفَصٍّ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَوَهَمَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي جَعْلِهِ الْكَسْرَ لَحْنًا مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ، وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ " كَفَصٍّ " وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا بَعْدَ قَدْرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُحَلِّفُهُ حَتَّى إذَا نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الثَّمَنُ غَائِبًا إلَخْ. وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>