بِقِيمَتِهِ؛ وَلَوْ عَيَّنَ الشَّفِيعُ قَدْرَ ثَمَنِ الشِّقْصِ كَقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ، فَإِنْ ادَّعَى الشَّفِيعُ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ ظَهَرَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَأَنْ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْمِائَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا، أَبْدَلَ الْمَدْفُوعَ وَبَقِيَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ. وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا لَمْ تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَالْأَخْذِ سَوَاءٌ أَخَذَ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا. وَكَخُرُوجِ مَا ذَكَرَ مُسْتَحَقًّا خُرُوجُهُ نُحَاسًا. وَلِمُشْتَرٍ تَصَرُّفٌ فِي الشِّقْصِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلِشَفِيعٍ فَسْخُهُ بِأَخْذِ الشِّقْصِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ شُفْعَةٌ كَبَيْعٍ أَمْ لَا كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ عَلَى هَذَا التَّصَرُّفِ، وَلَهُ أَخْذٌ بِمَا فِيهِ شُفْعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ كَبَيْعٍ لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْعِوَضُ فِيهِ أَقَلَّ أَوْ مِنْ جِنْسٍ هُوَ عَلَيْهِ أَيْسَرُ.
(وَهِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ بَعْدَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ (عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ. فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا عَلَى الْفَوْرِ هُوَ طَلَبُهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَوْرِيَّةِ عَشَرَ صُوَرٍ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُعَيَّنًا مَعْلُومًا حَاضِرًا، فَظَاهِرٌ لِتَسَلُّطِ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَجْهُولًا لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته) بِفَتْحِ التَّاءِ لِلْخِطَابِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ) قَدْ يُقَالُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ عِلْمُهُ بِالثَّمَنِ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ ظَهَرَ الثَّمَنُ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ الشِّقْصِ. وَقَوْلُهُ " مُسْتَحَقًّا " كَأَنْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الْمِائَةِ) أَيْ بِعَيْنِ هَذِهِ الْمِائَةِ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَالْمُعَيَّنُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْمُعَيَّنِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَيْ ثَمَنًا مُسْتَحَقًّا، بِأَنْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ شَخْصٌ فَأَخَذَهَا وَدَفَعَ ثَمَنًا لَيْسَ مِلْكًا لَهُ بَلْ هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ أج. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي رَدِيئًا وَرَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِمِثْلِهِ مِنْ الشَّفِيعِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا الْجَيِّدَ؛ قَالَهُ الْبَغَوِيّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (تَمَلُّكًا جَدِيدًا) أَيْ عَقْدًا جَدِيدًا.
قَوْلُهُ: (خُرُوجُهُ نُحَاسًا) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِلْكُهُ) بِضَمِّ الْكَافِ خَبَرُ " أَنَّ " وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَتِهِ مَاضِيًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخَبَرِ الْإِفْرَادُ.
قَوْلُهُ: (وَلِلشَّفِيعِ فَسْخُهُ إلَخْ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فَسَخْت، بَلْ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَسْخٌ لِتَصَرُّفِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي لَا لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ فِي صُورَةِ التَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَهُ أَخْذٌ بِمَا فِيهِ شُفْعَةٌ فَإِنَّهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلِشَفِيعٍ فَسْخُهُ أَيْ فَسْخُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِ الشِّقْصِ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ فَسْخٍ عَلَى الْأَخْذِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأَخْذِ الشِّقْصِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلتَّصْوِيرِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ فَسْخٍ عَلَى الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ زي.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ) أَيْ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَخْذُ) أَيْ فَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي. وَقَوْلُهُ " بِمَا فِيهِ " أَيْ بِعِوَضٍ مَا، أَيْ تَصَرُّفٌ فِيهِ شُفْعَةٌ، أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى " فِي ". وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَقْفًا أَوْ هِبَةً تَعَيَّنَ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بَيْعًا كَانَ الشَّفِيعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْعِوَضُ فِي الثَّانِي أَسْهَلَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الشُّفْعَةُ) أَيْ طَلَبُهَا بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا مُجَارَاةً لِقَوْلِ الْمَتْنِ سَابِقًا: بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ؛ وَلِأَنَّهُ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (هُوَ طَلَبُهَا) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي السَّبَبِ