للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُولَى؛ فَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ جَاهِلَ الثَّمَنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَقَدْ يُرِيدُ الْعَارِفُ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً.

(وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً) أَوْ خَالَعَهَا (عَلَى شِقْصٍ) فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَلِلطَّائِفَةِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ) أَيْ شَرِيكُ الْمُصْدِقِ أَوْ الْمُخَالَعِ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُخَالِعِ فِي الثَّانِيَةِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَتَجِبُ فِي الْمُتْعَةِ مُتْعَةُ مِثْلِهَا لَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالْفِرَاقِ وَالشِّقْصُ عِوَضٌ عَنْهَا. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ بِهَا الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ صُدِّقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ

(وَإِنْ كَانَ الشُّفَعَاءُ جَمَاعَةً) مِنْ الشُّرَكَاءِ (اسْتَحَقُّوهَا عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِالْمِلْكِ فَقُسِّطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ، فَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ أَخَذَ الثَّانِي سَهْمَيْنِ وَالثَّالِثُ سَهْمًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: يَأْخُذُونَ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُسَنُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: " السَّلَامُ سُنَّةٌ ".

قَوْلُهُ: (أَوْ سَأَلَهُ الثَّمَنَ) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَارَكَ لَهُ وَسَأَلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِأَوْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَشَمِلَ مَا ذَكَرَ. فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْبَرَكَةُ وَالسَّلَامُ وَسُؤَالُهُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ فِي الْأَخْذِ بِهَا بَلْ حَقُّهُ بَاقٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ جَائِزٌ وَتَابِعُ الْجَائِزِ جَائِزٌ اهـ. قَوْلُهُ: (بَارَكَ اللَّهُ فِي صَفْقَتِك) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا الشِّقْصُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ فِي الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ) أَيْ أَصَالَةً، فَلَا يَرِدُ كَوْنُهُ لَا يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِنَحْوِ فِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَنَّ السَّلَامُ عَلَيْهِ عَالِمًا بِالْحَالِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ بِالزَّرْعِ بَقِيَ زَرْعُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ وَإِنْ تَصَرَّفَ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ تَخَيَّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَضَمَانِ أَرْشِ مَا نَقَصَ وَبَيْنَ تَبْقِيَتِهِ بِأُجْرَةٍ؛ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِ الشَّفِيعِ حَيْثُ لَمْ يَخْتَرْ الْمُشْتَرِي قَلْعَ بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ قَلْعَهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ زي.

قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الشِّينِ) وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْقَاصٍ مِثْلَ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنْ الْأَرْضِ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

قَوْلُهُ: (الْمُصْدِقِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ " أَوْ الْمُخَالَعِ بَعْدَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْمُخَالِعِ الثَّانِي بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْأَوَّلُ الْمَرْأَةُ وَالثَّانِي الزَّوْجُ قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَرْأَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذَ فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ، كَأَنَّهَا بَاعَتْ بُضْعَهَا وَأَخَذَتْ الشِّقْصَ وَكَأَنَّ الزَّوْجَ فِي الْخُلْعِ بَاعَهَا بُضْعَهَا وَأَخَذَ الشِّقْصَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُخَالِعِ) بِكَسْرِ اللَّامِ فِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ كَسَيِّدِ الزَّوْجِ الرَّقِيقِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَمِنْ الزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْعَقْدِ) أَيْ إنْ اخْتَلَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ " فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ " وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، وَعِبَارَةُ سم: وَلَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَرْضًا وَتَلِفَ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ اهـ. فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ بِهِ الشِّقْصُ، قَالَ ح ل: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ) الشِّقْصُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَصْدِيقُ الْغَارِمِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَحَقُّوهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ بِمَعْنَى الْمَشْفُوعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) ذَكَرَهُ بِالنَّظَرِ لِلْخَبَرِ، وَفِي نُسْخَةٍ: "؛ لِأَنَّهَا " أَيْ الشُّفْعَةَ وَهِيَ أَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ) أَيْ كَاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ أَوْ كَتَقْسِيطِ الْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ قَوْلُهُ: (سَهْمَيْنِ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ نِصْفُ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ مَخْرَجُ تِلْكَ الْكُسُورِ، وَلَوْ قَالَ: أَخَذَ الثَّانِي ثُلْثَيْ الْمَبِيعِ وَالثَّالِثُ ثُلُثَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةُ سِهَامِهِمَا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَأْخُذُونَ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ) فَإِنْ قُلْت: يُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفٌ وَلِآخَرَ ثُلُثٌ وَلِآخَرَ سُدُسٌ وَأَعْتَقَ صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>