للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيكَيْنِ بَعْضَ حِصَّتِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ بَاقِيهَا لِآخَرَ فَالشُّفْعَةُ فِي الْبَعْضِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ لِانْفِرَادِهِ بِالْحَقِّ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي الْبَعْضِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا مِثْلَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ بَلْ أَخَذَهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ شَفِيعَيْنِ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ سَقَطَ حَقُّهُ كَالْقَوَدِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ أَوْ تَرَكَهُ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا وَغَابَ الْآخَرُ أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَ الْكُلَّ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ. وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْغَائِبُ. وَتَتَعَدَّدُ الشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ أَوْ الشِّقْصِ، فَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ شِقْصًا أَوْ اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ لِانْتِفَاءِ تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ وَاحِدٌ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. تَتِمَّةٌ: لَوْ كَانَ لِمُشْتَرٍ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْهِ، اشْتَرَكَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ، فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ فِي الْمِثَالِ السُّدُسَ لَا جَمِيعَ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ حُكْمٌ بِهَا مِنْ حَاكِمٍ لِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ، وَلَا حُضُورُ ثَمَنٍ كَالْبَيْعِ، وَلَا حُضُورُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الثُّلُثِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ نَصِيبَهُمَا مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ بِقِيمَةِ الْبَاقِي فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ النِّصْفِ بِالسَّوِيَّةِ، فَهَذَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافٌ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ. وَلَا كَذَلِكَ الشُّفْعَةُ فَإِنَّ سَبَبَهَا الْأَمْلَاكُ اهـ كَاتِبه أج. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) هُوَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ. وَهُوَ ضَعِيفٌ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ) أَيْ وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَإِنْ اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ، شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِلشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَخْ) وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْفَوْرِ.

قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدُ، فَ " أَنْ " وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِ " فِي " وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَمَا مَفْعُولٌ يَأْخُذُ الْأُولَى وَهِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُؤْخَذُ الثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْيَاءِ صِفَةٌ لِ " مَا " وَ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى شِقْصٍ، وَالْمَعْنَى لِعُذْرِ الْحَاضِرِ فِي عَدَمِ أَخْذِ جُزْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْغَائِبُ لَوْ حَضَرَ، وَالْمَعْنَى لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ الْجُزْءِ لَهُ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَ يَقُولُ لَا حَاجَةَ لِي فِي أَخْذِ الْكُلِّ الَّذِي تُلْزِمُونِي بِهِ الْآنَ؛ لِأَنِّي لَوْ أَخَذْته لَمْ يَدُمْ كُلُّهُ لِي بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْغَائِبُ حِصَّتَهُ لَوْ حَضَرَ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ إذَا كَانَ بِالْإِلْزَامِ فَإِنْ كَانَ بِالرِّضَا مِنْ الْحَاضِرِ جَازَ. قَوْلُهُ: (شَارَكَهُ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الرِّضَا مِنْ الْحَاضِرِ أَوْ قَهْرًا عَنْهُ؟ فَإِذَا حَضَرَ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَخَذَهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَوَجَدَ الْأَرْضَ مَزْرُوعَةً كَانَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ حِينِ حُضُورِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بَعْدَ زَرْعِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَائِبَ مَعْذُورٌ بِغَيْبَتِهِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ) وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَأْخُذَ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ فَقَطْ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْوَاحِدُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. م ر كَبِيرٌ ز ي.

قَوْلُهُ: (وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ) أَيْ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْكُلَّ.

قَوْلُهُ: (بِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ) أَيْ أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا ق ل.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ إلَخْ) الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي: لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَالثَّالِثُ: لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الشِّقْصِ. وَتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ فِي الْجَمِيعِ حُكْمِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ فِي الْعَقْدِ تَعَدُّدُ مَا ذَكَرَ صَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ تَعَدَّدَ وَإِلَّا فَهُوَ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ) عِبَارَةُ م ر: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّمَلُّكِ بِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي تَمَلُّكٍ بِهَا) أَيْ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ وَهُوَ بَعْدَ الْأَخْذِ السَّابِقِ ق ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَشَرْطٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهَا إلَخْ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ قَوْلُهُ: تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا كَانَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ الْآتِي، وَلَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ، فَهَذِهِ شُرُوطٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لَا لِثُبُوتِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ أَوْ أَخَذْت بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الشِّقْصَ وَلَا عَرَفَ الثَّمَنَ.

قَوْلُهُ: (رُؤْيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>