للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُبُوتِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبَ الْعَامِلُ مَثَلًا وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اكْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ إنْ تَأَتَّى. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ الْيَمَنِيُّ وَالنَّشَائِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِي عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ، ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ اكْتِرَاؤُهُ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوَفِّي نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرِ. ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ اقْتِرَاضُهُ عَمِلَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنْفَقَ بِإِشْهَادٍ بِذَلِكَ شَرَطَ فِيهِ رُجُوعًا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ أَوْ بِمَا أَنْفَقَهُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُسَاقِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً عَمِلَ وَارِثُهُ إمَّا مِنْهَا بِأَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبُ عَلَى مُوَرَّثِهِ، أَوْ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَشْرُوطَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ مِنْ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَمِينًا عَارِفًا بِالْأَعْمَالِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ فَلِلْوَارِثِ الْعَمَلُ وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا أَوْ يَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (مَثَلًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: " وَهَرَبَ " وَمِثْلُهُ مَا إذَا امْتَنَعَ وَهُوَ حَاضِرٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاكْتَرَى.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: اكْتَرَى الْحَاكِمُ.

قَوْلُهُ: (صَاحِبُ الْمُعِينِ) هُوَ كِتَابٌ جَلِيلٌ، اهـ أج. قَوْلُهُ: وَالنَّشَائِيُّ بِكَسْرِ النُّونِ وَالْمَدِّ نِسْبَةً لِبَيْعِ النِّشَا بِرْمَاوِيٌّ وَضَبَطَهُ السُّيُوطِيّ فِي اللُّبِّ بِفَتْحِ النُّونِ نِسْبَةً إلَى النَّشَا الْمَعْرُوفِ بِرِيفِ مِصْرَ وَقِيلَ النَّشَا بِفَتْحِ النُّونِ اسْمُ بَلَدٍ أَوْ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحَلْوَى. قَوْلُهُ: (لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ أَوْ يَعْمَلَ بِلَا رُجُوعٍ ق ل. فَرْعٌ: لَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقِي عَلَيْهَا بَيْعَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ امْتَنَعَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ظُهُورِهَا جَازَ وَالْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَهُوَ مَعَ الْبَائِعِ، وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ فَقَطْ مِنْ الثَّمَرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بَاطِلٌ لِشُيُوعِهِ ز ي.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الذِّمَّةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُمْ اقْتَرَضَ وَاكْتَرَى يُفْهَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ذَلِكَ. سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (بِإِشْهَادٍ بِذَلِكَ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ وَالْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا ذَكَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ وَالْإِنْفَاقِ وَلَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ الْفَسْخُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فَلَا فَسْخَ وَهِيَ لَهُمَا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: " وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ " فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ اهـ ح ل. وَقَوْلُهُ: " فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ " ظَاهِرُهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بَاطِنًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، بَلْ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لِفَقْدِ الشُّهُودِ، فَإِنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ ظَاهِرًا، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِهِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْإِشْهَادِ.

قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِمَا أَنْفَقَهُ) وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ الْمُسَاقِي) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، أَيْ الْعَامِلُ الْمُسَاقِي فِي ذِمَّتِهِ قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّتِهِ) خَرَجَ بِهِ الْمُسَاقِي عَلَى عَيْنِهِ فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ قَوْلَ الْمَالِكِ لِلْعَامِلِ فِي صُورَةِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ مَثَلًا إلَخْ، يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَيْنِ هَذَا الْعَامِلِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ فِي الذِّمَّةِ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ. وَصُورَةُ الْمُسَاقَاةِ فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَعَهُّدَ هَذَا النَّخْلِ مَثَلًا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا مَثَلًا مَعَ ذِكْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَشْرُوطُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَشْرُوطُ نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الثَّمَرُ قَدْ ظَهَرَ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَبَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ شَيْءٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ نِصْفَ الثَّمَرَةِ إنْ كَانَ النِّصْفُ مُشْتَرَطًا، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ سم، أَيْ إذَا مَضَى ثُلُثُ الْمُدَّةِ مَثَلًا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْمَشْرُوطِ لَهُ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " لَوْ كَانَ الثَّمَرُ قَدْ ظَهَرَ " مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الظُّهُورِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ شَيْئًا اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ مِنْ الْعَمَلِ) بَلْ يُمَكَّنُ الْمَالِكُ مِنْ الْفَسْخِ وَلِلْوَارِثِ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ مُوَرِّثُهُ س ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>