للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِكِ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَكَرَّرُ يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسَاقَاةِ، وَتَكْلِيفُ الْعَامِلِ مِثْلُ هَذَا إجْحَافٌ بِهِ (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (عَمَلٌ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْأَرْضِ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَرَّرَ كُلَّ سَنَةٍ وَلَكِنْ يُقْصَدُ بِهِ حِفْظُ الْأُصُولِ كَبِنَاءِ حِيطَانِ الْبُسْتَانِ وَحَفْرِ نَهْرٍ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ مِنْ النَّهْرِ، وَنَصْبِ الْأَبْوَابِ وَالدُّولَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَآلَاتِ الْعَمَلِ كَالْفَأْسِ وَالْمِعْوَلِ وَالْمِنْجَلِ وَالطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ النَّخْلُ وَالْبَهِيمَةِ الَّتِي تُدِيرُ الدُّولَابَ (فَهُوَ) كُلُّهُ (عَلَى رَبِّ الْمَالِ) دُونَ الْعَامِلِ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ إنْ عُقِدَ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَفَارَقَ الْقِرَاضَ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرِّبْحَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَالثَّمَرُ لَيْسَ وِقَايَةً لِلشَّجَرِ، أَمَّا إذَا عُقِدَ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَيَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ. وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْجَرِيدُ وَالْكِرْنَافُ وَاللِّيفُ فَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وَلَوْ شَرَطَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَاهُ فِي الثَّمَرِ فَوَجْهَانِ فِي الْحَاوِي اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَلَوْ شَرَطَهَا لِلْعَامِلِ بَطَلَ قَطْعًا، وَعَامِلُ الْمُسَاقَاةِ أَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ غَيْرَ الثَّمَرِ، فَلَوْ سَاقَاهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ تَنْعَقِدْ مُسَاقَاةٌ وَلَا إجَارَةٌ إلَّا إنْ فَصَّلَ الْأَعْمَالَ وَكَانَتْ مَعْلُومَةً. وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَوْعٍ بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى آخَرَ بِالثُّلُثِ فَسَدَ الْأَوَّلُ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ عَقَدَهُ جَاهِلًا بِفَسَادِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَيَصِحُّ.

تَتِمَّةٌ: الْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ، فَلَوْ هَرَبَ الْعَامِلُ أَوْ عَجَزَ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِالْعَمَلِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ بَقِيَ حَقُّ الْعَامِلِ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ غَيْرُهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يَعْمَلُ بَعْدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ اقْضِ دَيْنِي، وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُ اغْسِلْ ثَوْبِي اهـ. وَإِذَا تَرَكَ الْعَامِلُ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ نَقَصَ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِهِ كَمَا قَالَهُ س ل.

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَرَّرَ كُلَّ سَنَةٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ فِيمَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: (مَا انْهَارَ) أَيْ هُدِمَ.

قَوْلُهُ: (وَالدُّولَابِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَبْوَابِ.

قَوْلُهُ: (وَآلَاتُ الْعَمَلِ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى عَمَلٍ، لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بِنَاءٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عَمَلًا.

قَوْلُهُ: (وَالْمِعْوَلُ) هُوَ الْفَأْسُ الْعَظِيمَةُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَالْمِنْجَلِ آلَةٌ يُقَلَّمُ بِهَا النَّخْلُ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ. قَوْلُهُ: (بِالظُّهُورِ) أَيْ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ ظَهَرَ ثَمَرٌ فِي الْمُدَّةِ وَأُدْرِكَ فِيهَا ثُمَّ أُدْرِكَ ثَمَرٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَخْتَصُّ الْمَالِكُ بِالثَّانِي أَوْ يُشَارِكُهُ الْعَامِلُ؟ الظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْمَالِكِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْقِسْمَةِ) أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا وَهُوَ الْفَسْخُ وَالتَّنْضِيضُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ) أَيْ يَقِيهِ عَنْ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ نَقْصٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ جُبِرَ بِالرِّبْحِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا عُقِدَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَفَارَقَ.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ إلَخْ) وَفِي الْعُرْجُونِ وَهُوَ السَّاعِدُ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ لِلْمَالِكِ وَاعْتَمَدَهُ كُلَّهُ م ر سم بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْكِرْنَافُ) بِكَسْرِ الْكَافِ، شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ جُعْلَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ) الْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَهُمَا لِلْعَامِلِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: " بَطَلَ " أَيْ الْعَقْدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَوْعٍ) كَالنَّخْلِ كَأَنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النَّخْلِ بِنِصْفِ ثَمَرِهِ بِشَرْطِ أَنْ أُسَاقِيَك عَلَى الْعِنَبِ بِثُلُثِهِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى آخَرَ) كَالْعِنَبِ.

قَوْلُهُ: (لَازِمَةٌ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَعْمَالِ وَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بِآفَةٍ أَوْ نَحْوِ غَصْبٍ شَرْحُ م ر، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ اهـ عُبَابٌ.

قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ وَعَمَلٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ بِمُعَاوَضَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ الْعَامِلُ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْتِدْرَاكُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْهَمُ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ تَقْيِيدُ كَلَامِهِ بِكَوْنِ الْمُسَاقَاةِ فِي الذِّمَّةِ، تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَالِكَ بِعَمَلِهِ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ يَكُونُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمَالِكَ ح ل. قَوْلُهُ: (بَقِيَ حَقُّ الْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِصَرِيحِ الْفَسْخِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَفِيهِ أَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ. وَأُجِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>