للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً مَثَلًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَقْبَلُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَرْتُك، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ تَأْكِيدًا كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك عَيْنَ هَذِهِ الدَّارِ وَرَقَبَتَهَا، فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ كَاسْتِئْجَارِ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَا يُسَمَّى إجَارَةً وَبِعِوَضٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَالشَّرِكَةُ وَالْإِعَارَةُ، وَبِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ، وَدَلَالَةِ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى قَلْعَةٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا، وَبِبَقَاءِ عَيْنِهِ مَا تَذْهَبُ عَيْنُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَالشَّمْعِ لِلسِّرَاجِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَذَكَرْت لَهَا شُرُوطًا أُخَرَ أَوْضَحْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.

وَإِنَّمَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ (إذَا قُدِّرَتْ مَنْفَعَتُهُ) فِي الْعَقْدِ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ) الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ بِتَعْيِينِ (مُدَّةٍ) فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ كَالسُّكْنَى وَالرَّضَاعِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إذْ السُّكْنَى وَمَا يُشْبِعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَنَةً مَثَلًا بِكَذَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ، فَلَا يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِ الثَّوْبِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا) إنَّمَا فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ فِيهِ خِلَافٌ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَبِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (أَجَرْتُك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إضَافَةِ الْإِجَارَةِ لِلْعَيْنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الثَّانِي لِوُضُوحِ الْمُرَادِ، وَسَنَةً لَيْسَ مَفْعُولًا فِيهِ لِأَجَرَ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ. أَيْ أَجَرْتُكَهُ وَانْتَفِعْ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: ٢٥٩] إنَّ التَّقْدِيرَ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَرْتُك) أَيْ الدَّارَ مَثَلًا، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ الْمَفْعُولَ إمَّا ضَمِيرًا أَوْ اسْمًا ظَاهِرًا.

قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةِ) يُتَأَمَّلْ فِيهِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةِ الْعَيْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

قَوْلُهُ: (الْعَيْنِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ لِلَبَنِهَا أَوْ نِتَاجِهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ) وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَإِنْ أَتْعَبَتْ بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ق ل. وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ لِنَحْوِ الْفَصْدِ دُونَ كَلِمَةِ " لَا تُتْعِبُ ".

قَوْلُهُ: (عَلَى عَمَلٍ) رَاجِعٌ لِلْجَعَالَةِ.

قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ) خُرُوجُهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (هِبَةِ الْمَنَافِعِ) كَأَنْ وَهَبَهُ مَنْفَعَةَ دَارِهِ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيَّةُ بِهَا) أَيْ الْمَنَافِعِ. قَوْلُهُ: (وَالشَّرِكَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ مَنْفَعَةً مَعْلُومَةً إلَخْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ لَكِنْ لَا بِعِوَضٍ بَلْ مَجَّانًا اهـ م د. قَوْلُهُ: (وَالْإِعَارَةُ) خُرُوجُهَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا مِلْكَ فِيهَا فَلَمْ تَدْخُلْ.

قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ) لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَتَدْخُلُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا إجَارَةٌ، إلَّا أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْحَجِّ بِالرَّزْقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ النَّفَقَةَ مِثَالَانِ لِلْجَعَالَةِ، وَمِثَالُ الْمُسَاقَاةِ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ إذَا فَصَّلَ لَهُ الْأَعْمَالَ وَبَيَّنَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ يُقَالُ إنَّ الْعَمَلَ مَعْلُومٌ وَالْعِوَضَ مَجْهُولٌ، أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ كَمْ يَخُصُّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ وَسْقٌ أَوْ وَسْقَانِ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ نِصْفًا مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (كَالشَّمَعِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانُهَا لَحْنٌ م د. صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: خِلَافُ الْأَفْصَحِ؛؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إسْكَانُهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُزْهِرِ لِلسُّيُوطِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرْت لَهَا) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) أَيْ التَّقْدِيرُ. وَقَوْلُهُ: " بِتَعْيِينِ مُدَّةٍ " يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إجَارَةُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآحَادِ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ.

فَرْعٌ: يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْأَذَانِ الْإِقَامَةُ وَلَا يَجُوزُ إجَارَةٌ لَهَا وَحْدَهَا إذْ لَا كُلْفَةَ اهـ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (كَالسُّكْنَى) كَأَنْ يَقُولَ أَجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا لِتَسْكُنَهَا، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ سم. وَمِثْلُهُ: عَلَى أَنْ تَنْتَفِعَ بِهَا اهـ زي. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَذْكُرْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ شَرْطًا بِخِلَافِهِ فِي تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا.

قَوْلُهُ: (إذْ السُّكْنَى إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِيهَا جَمِيعَ اللَّيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>