للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِيَّ مِنْ اللَّبَنِ وَمَا تُرْوَى بِهِ الْأَرْضُ مِنْ السَّقْيِ يَخْتَلِفُ وَلَا يَنْضَبِطُ، فَاحْتِيجَ فِي مَنْفَعَتِهِ إلَى تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ

(أَوْ) أَيْ وَالْأَمْرُ الثَّانِي بِتَعْيِينِ مَحِلِّ (عَمَلٍ) فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ الْقَدْرِ فِي نَفْسِهَا كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَالرُّكُوبِ إلَى مَكَان فَتَعْيِينُ الْعَمَلِ فِيهَا طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَتِهَا، فَلَوْ قَالَ لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ، بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّوْبِ مِنْ قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ أَهِيَ فَارِسِيَّةٌ أَوْ رُومِيَّةٌ إلَّا أَنْ تَطَّرِدَ عَادَةٌ بِنَوْعٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ تَقْدِيرُهَا بِهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ فِي اسْتِئْجَارِ عَيْنٍ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ لِي كَذَا شَهْرًا. أَمَّا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَمَحِلِّ الْعَمَلِ كَاكْتَرَيْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ بَيَاضَ النَّهَارِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِشَرْطِ كَوْنِ وَزْنِهِ كَذَا لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا يُقْطَعُ بِفَرَاغِهِ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالنَّهَارِ فَقَدْ تَقِلُّ وَقَدْ تَكْثُرُ قَوْلُهُ: (وَمَا يُشْبِعُ الصَّبِيَّ) أَيْ وَإِرْضَاعُ مَا يُشْبِعُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فِي مَنْفَعَتِهِ) أَيْ فِي مَنْفَعَةٍ هِيَ هُوَ، فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (بِتَعْيِينِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ الْمَنْفَعَةِ بِتَعْيِينِ مَحَلِّ عَمَلٍ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَمَلِ فَقَطْ كَالْخِيَاطَةِ لَا يَكْفِي.

قَوْلُهُ: (كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ) أَيْ فَإِنَّ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ تَتْمِيمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْلُومِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ إبْهَامًا لِاحْتِمَالِ الثَّوْبِ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، لَكِنَّ الْإِبْهَامَ لَا يُنَافِي الْعِلْمَ كَمَا فِي الْعِلْمِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْإِبْهَامِ بِخِلَافِ السُّكْنَى إنْ أُضِيفَتْ إلَى الدَّارِ فَإِنَّهَا مَجْهُولَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَلَمَّا كَانَ فِي الثَّوْبِ نَوْعُ إبْهَامٍ اُحْتِيجَ إلَى تَعْيِينِهِ بِنَحْوِ إشَارَةٍ لِتَعْيِينِ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (فَتَعْيِينُ الْعَمَلِ) أَيْ مَحَلُّ الْعَمَلِ بِنَحْوِ إشَارَةٍ. وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " طَرِيقٌ " وَقَوْلُهُ " فِيهَا " أَيْ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ، وَقَوْلُهُ: " إلَى مَعْرِفَتِهَا " أَيْ تَمْيِيزِهَا وَتَعْيِينِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِتَخِيطَ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَعْيِينِ الْمَحَلِّ. وَقَوْلُهُ: " لَمْ يَصِحَّ " أَيْ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَحَلِّ الْعَمَلِ. وَقَوْلُهُ: " بَلْ يُشْتَرَطُ " إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ثَابِتٌ وَانْتَقَلَ عَنْهُ لِحُكْمٍ آخَرَ، وَفِي عِبَارَتِهِ نَقْصٌ تَقْدِيرُهُ: بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ الثَّوْبَ وَأَنْ يُبَيِّنَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ رُومِيَّةٌ) الرُّومِيَّةُ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيَّةُ بِغُرْزَةٍ وَاحِدَةٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِهِمَا مَعًا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ يَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ بِالْمُدَّةِ فَقَطْ وَأَنْ يُقَدَّرَ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَقَطْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِهِمَا مَعًا مُجْتَمِعَيْنِ كَمَا تَوَهَّمَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ الْبَاطِلَةَ الْآتِيَةَ فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ جَمَعَ إلَخْ.

هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: " مَعًا " وَكَذَا تَمْثِيلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اجْتِمَاعِهَا، وَهُوَ يُقَوِّي اعْتِرَاضَ الْقَلْيُوبِيِّ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: " بَقِيَ إلَخْ " نَظَرًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِتَعْمَلَ لِي كَذَا شَهْرًا " إنْ كَانَ " كَذَا " كِنَايَةً عَنْ مُعَيَّنٍ كَخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْبَاطِلِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ؛ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ عَمَلٍ فَقَطْ كَخِيَاطَةٍ أَوْ بِنَاءٍ فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا تَنْضَبِطُ مَنْفَعَتُهُ كَالسُّكْنَى وَالْإِرْضَاعِ يَجِبُ فِيهِ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ فَقَطْ، وَمَا تَنْضَبِطُ إمَّا أَنْ يُقَدَّرَ بِالزَّمَنِ أَوْ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ كَأَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا شَهْرًا أَوْ لِتَرْكَبَهَا إلَى مَكَّةَ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ اسْتِئْجَارِ الدَّوَابِّ لِحَمْلِ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ مِنْ مَكَانِ ضَمِّهِ إلَى مَكَانِ دِرَاسِهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي يُسْتَوْفَى فِيهَا الْحَمْلُ. فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأَجِيرُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، فَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً تَعَيَّنَتْ وَصَحَّتْ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَأْجِرُونَ عَلَى حَمْلِ زَرْعٍ مُبْهَمٍ بَلْ يَقُولُونَ: هَذَا الزَّرْعُ أَوْ الزَّرْعُ الْفُلَانِيُّ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَجِيرُ الزَّرْعَ وَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ أَرْضِهِ بِالْمِسَاحَةِ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ قَصِيرًا وَيَكُونُ طَوِيلًا وَيَخْتَلِفُ بِالْبُعْدِ وَعَدَمِهِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (لِتَعْمَلَ لِي كَذَا) أَيْ خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَمَّا لَوْ جَمَعَ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْمَحَلِّ. وَذِكْرُ النَّهَارِ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِلتَّحْدِيدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (فِي قَفِيزِ) هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>