للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مَا شُرِطَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثُمَّ نَعَمْ إسْلَامُ الْمُشْتَرِي شَرْطٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَهُنَا لَا يُشْتَرَطُ فَيَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ وَكَذَا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ.

وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْأَعْيَانِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنَافِعِ، كَمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ، وَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُك يُنَافِي قَوْلَهُ سَنَةً مَثَلًا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ، وَتَرِدُ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ مُعَيَّنٍ مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَنَحْوِهِمَا، كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا سَنَةٍ، وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ وَعَلَى ذِمَّةٍ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ مِنْ دَابَّةٍ وَنَحْوِهَا لِحَمْلٍ مَثَلًا، وَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ عَمَلًا كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أَوَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ.

وَشُرِطَ فِي الْأُجْرَةِ وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا مَرَّ فِي الثَّمَنِ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا، فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ بِعِمَارَةٍ وَعَلَفٍ لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ ذَكَرَ مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ فِي صَرْفِهِ فِي الْعِمَارَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِكْتَلٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا اهـ. أج. قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ قَدْ يَتَأَخَّرُ

قَوْلُهُ: (مَا شُرِطَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ مِنْ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَكُونُ مُؤَجِّرًا وَإِنْ جَازَ لَهُ إجَارَةُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يُؤْمَرُ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا إذْ يُمْكِنُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ كَافِرًا يَنُوبُ عَنْهُ فِي خِدْمَةِ الْكَافِرِ ق ل؛ لِأَنَّ صُورَةَ الذِّمَّةِ أَنْ يَقُولَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِدْمَتِي شَهْرًا مَثَلًا. وَقَالَ ق ل أَيْضًا: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُهَا لَهُ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ اهـ، أَيْ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْعَقِدُ إلَخْ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالصِّيغَةِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ. وَعِبَارَةُ زي: قَوْلُهُ وَتُرَدُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا مُقَابِلُ الذِّمَّةِ، وَفِي قَوْلِهِمْ مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ مُقَابِلُ الْمَنْفَعَةِ؛ فَلَا تَنَافِيَ.

قَوْلُهُ: (لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْعَقَارِ الْكَامِلِ، أَمَّا بَعْضُهُ إذَا كَانَ النِّصْفَ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُهُ، وَمِثْلُ الْعَقَارِ السَّفِينَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا زي.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى ذِمَّةِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ إذْ هِيَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَارِدَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَرَقِيقٍ وَلَا يُقَالُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِهَا فِي الْعُرْفِ ذَاتُ الْأَرْبَعِ. فَرْعٌ: ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إلَى صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ بِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَجْرُورِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ.

قَوْلُهُ: (لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَالَ الشَّيْخَانِ: وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، وَأَوْرَدَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَوَائِدَ مِنْهَا إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإجَارَةُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ إنْ قُلْنَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ صَحَّ أَوْ الْعَيْنُ فَلَا لِعَدَمِ قَبْضِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِنَجَاسَتِهَا فِي الثَّانِي، وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ لَفْظِيًّا اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ) أَيْ فِي تَفْصِيلِ الْأَرْكَانِ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْإِجْمَالِ ثَالِثٌ. قَوْلُهُ: (كَوْنُهَا مَعْلُومَةً) لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ صِحَّةُ الِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ بِالرِّزْقِ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ بِإِجَارَةٍ بَلْ نَوْعُ جَعَالَةٍ يُغْتَفَرُ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ) مُسْتَثْنًى مِنْ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ) فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً، فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا وَيُصَدِّقُ الْمُسْتَأْجَرَ فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ، وَمَحَلُّهُ إذَا ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا فِي الْعَادَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ، شَرْحِ م ر؛ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ إنْ قَالُوا صَرَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>