للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لِمَكَانِ التَّسْلِيمِ مَكَانًا تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَمَوْضِعُ الْعَقْدِ. وَيَجُوزُ فِي الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلُهَا إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ (وَإِطْلَاقُهَا يَقْتَضِي تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ) فَتَكُونُ حَالَّةً كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ (إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ التَّأْجِيلُ) فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَتَتَأَجَّلُ كَالثَّمَنِ، وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ التَّأْجِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ وَتُمْلَكُ فِي الْحَالِ بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مُطْلَقَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ، مِلْكًا مُرَاعًى، بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ إنْ قَبَضَ الْمُكْتَرِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَكَمَّلَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِبَيَانِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَبَقِيَّةِ حُكْمِ إجَارَةِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ) إذْ لَا تَسْلِيمَ فِي الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لِمَكَانِ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ، وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَهَا.

قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) وَجْهٌ.

ذَلِكَ أَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ لَمَّا أَشْبَهَتْ السَّلَمَ بِتَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ جُعِلَ مَحَلُّ الْعَمَلِ كَمَحَلِّ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِي الْأُجْرَةِ إلَخْ) دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ. وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلُهَا) أَيْ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُهَا) أَيْ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِأُجْرَةٍ فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلَهُ،. اهـ. قَلْيُوبِيٌّ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّأْجِيلُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ سم؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِطْلَاقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إمَّا إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ بِتَأْجِيلِهَا أَوْ يُطْلِقَ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ يُطْلِقُ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةٌ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَ الْعَقْدُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً وَلَا كَلَامَ، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ؛ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجْرَةِ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا صَحَّ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، كَذَلِكَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ قَبِلَتْهُ. وَهَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ سم.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ التَّأْجِيلُ) كَأَجَرْتُكَ الدَّارَ بِهَذِهِ الدِّينَارِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَتُمْلَكُ) أَيْ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةً.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُطْلَقَةً) أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَعْيِينِهَا وَلَا بِكَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ. وَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: أَجَرْتُك هَذَا بِدِينَارٍ مَثَلًا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَالَّةً فِي الذِّمَّةِ فَلَيْسَتْ قِسْمًا ثَالِثًا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُطْلَقَةٌ عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ تَكُونُ حَالَّةً فِي الذِّمَّةِ تَأَمَّلْ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مُعَيَّنَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقَةً مَا فِي الذِّمَّةِ أَمْ حَالَّةً أَمْ مُؤَجَّلَةً اهـ.

قَوْلُهُ: (مِلْكًا مُرَاعًى إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِإِجَارَةِ الْعَيْنِ فَقَطْ، وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَسْتَقِرُّ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ بَلْ يُبَدِّلُهَا بِغَيْرِهَا، وَيَنْبَنِي عَلَى مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كَانَتْ إجَارَةَ وَقْفٍ عَلَى بُطُونٍ، وَبِهَذَا صَرَّحَ سم بِقَوْلِهِ: وَقَضِيَّةُ مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى النَّاظِرِ إذَا مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ بَلْ عَلَى تَرِكَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ؛ وَخَالَفَ الْقَفَّالُ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ قَبَضَ النَّاظِرُ أُجْرَةً مُعَجَّلَةً وَصَرَفَهَا عَلَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ، ثُمَّ انْتَقَلَ الْوَقْفُ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ بِأَنْ كَانَ وَقْفَ تَرْتِيبٍ رَجَعَ مُسْتَحِقُّو الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: " رَجَعَ مُسْتَحِقُّو الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ". فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ حَيٌّ طُولِبَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مُدَّةِ خُرُوجِهِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ كَانَ كَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُلْزَمُ بِهِ أَحَدٌ، اهـ أج مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ) كُلَّمَا ظَرْفِيَّةٌ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ وَجَوَابُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>