للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْنَ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ، فَلَا تَسْتَقِرُّ كُلُّهَا إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا لَتَلِفَ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ وَتَسْتَقِرُّ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أُجْرَةُ مِثْلٍ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مُسَمًّى فِي صَحِيحَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ. هَذَا هُوَ الْغَالِبُ وَقَدْ تُخَالِفُهَا فِي أَشْيَاءَ: مِنْهَا التَّخْلِيَةُ فِي الْعَقَارِ، وَمِنْهَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُكْتَرِي، وَمِنْهَا الْعَرْضُ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعَهُ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَا تَسْتَقِرُّ فِيهَا الْأُجْرَةُ فِي الْفَاسِدَةِ وَيَسْتَقِرُّ بِهَا الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ. وَشُرِطَ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ إجَارَةَ عَيْنٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ رُؤْيَةُ الدَّابَّةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَشُرِطَ فِي إجَارَتِهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِرُكُوبٍ ذِكْرُ جِنْسِهَا كَإِبِلٍ أَوْ خَيْلٍ وَنَوْعِهَا كَبَخَاتِيٍّ أَوْ عِرَابٍ، وَذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ، وَصِفَةِ سَيْرِهَا مِنْ كَوْنِهَا مُهَمْلِجَةً أَوْ بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا؛ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ.

وَشُرِطَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ لِلرُّكُوبِ ذِكْرُ قَدْرِ سُرًى وَهُوَ السَّيْرُ لَيْلًا أَوْ قَدْرِ تَأْوِيبٍ وَهُوَ السَّيْرُ نَهَارًا حَيْثُ لَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَشُرِطَ فِيهِمَا لِحَمْلٍ رُؤْيَةُ الْمَحْمُولِ إنْ حَضَرَ أَوْ امْتِحَانُهُ بِيَدٍ أَوْ تَقْدِيرُهُ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَذِكْرُ جِنْسِ مَكِيلٍ، وَعَلَى مُكْرِي دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ إكَافٌ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَبَرْذعَةٌ وَحِزَامٌ وَثَفَرٌ وَبَرَةٌ وَهِيَ الْحَلْقَةُ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ وَخِطَامٌ وَهُوَ زِمَامٌ يُجْعَلُ فِي الْحَلْقَةِ وَيُتْبَعُ فِي نَحْوِ سَرْجٍ وَحِبْرٍ وَكُحْلٍ وَخَيْطٍ وَصَبْغٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عُرْفٌ مُطَرِّدٌ فِي مَحِلِّ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِإِنْ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ " إنَّهُ " وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى زَمَنٍ، فَيَكُونُ ذِكْرُ زَمَنٍ بَعْدَهُ إظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَسْتَقِرُّ كُلُّهَا إلَخْ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ نَقْدًا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَهُ، فَإِنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِذَا حَلَّتْ الْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُكْتَرِي) أَيْ فِي الْمَنْقُولِ. وَقَوْلُهُ: " وَمِنْهَا الْعَرْضُ " أَيْ فِي الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَامْتِنَاعَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَعِيَّةِ، أَيْ مَعَ امْتِنَاعِهِ إلَخْ. فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (مُهَمْلِجَةً) الْمُهَمْلِجَةُ بِوَزْنِ مُدَحْرِجَةٍ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ سَرِيعَةُ السَّيْرِ مَعَ حُسْنِهِ، وَالْقُطُوفُ بَطِيئَتُهُ وَالْبَحْرُ مَا بَيْنَهُمَا؛ فَلِذَا وَسَطُهَا، وَهِيَ مُنَوَّنَةٌ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (سُرًى) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُنَوَّنًا مَقْصُورًا ق ل.

قَوْلُهُ: (حُمِلَ إلَخْ) فَإِنْ شُرِطَ خِلَافُهُ اُتُّبِعَ.

قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِيهِمَا) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ امْتِحَانُهُ إلَخْ " أَيْ اخْتِبَارُهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَوْ امْتِحَانُهُ بِيَدٍ، أَيْ إنْ حَضَرَ أَيْ وَكَانَ فِي ظَرْفٍ أَوْ حَجَرًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ جِنْسِ مَكِيلٍ) خَرَجَ الْمَوْزُونُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ، فَلَوْ قَالَ أَجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ بِدُونِ مِمَّا شِئْت صَحَّ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

وَيُحْسَبُ الظَّرْفُ مِنْ الْوَزْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: وَثَفَرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ دُبُرِ الدَّابَّةِ ق ل وَيُسَمَّى بِذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهِ لِثُفْرِ الدَّابَّةِ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ حَيَاهَا زي. قَوْلُهُ: وَبَرَةٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً مَحْذُوفَةَ اللَّامِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ فَأَصْلُهَا بُرَوٌ حُذِفَتْ لَامُهَا وَعُوِّضَ عَنْهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ قَوْلُهُ وَهِيَ الْحَلْقَةُ أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِالْخِزَامِ بِالْخَاءِ وَالزَّايِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَلْقَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ بِدُونِهَا.

قَوْلُهُ: (وَحِبْرٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَرُ بِهِ الْكُتُبُ أَيْ يُحْسَنُ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَلَمَ وَاجِبٌ عَلَى الْوَرَّاقِ أَيْ النَّاسِخِ كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ. وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ لِلنَّسْخِ بَيَانُ عَدَدِ الْأَوْرَاقِ وَالْأَسْطُرِ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ بَيَانُ قَدْرِ الْحَوَاشِي وَقِطَعِ الْوَرَقِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ اهـ. وَالْحَوَاشِي هِيَ الْبَيَاضُ الْخَالِي عَنْ الْكِتَابَةِ، وَقَوْلُهُ: " وَقِطَعِ الْوَرِقِ " بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ كَنِصْفِ الْفَرْخِ أَوْ رُبْعِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَسَكَتُوا عَنْ بَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ وَعَنْ رُؤْيَةِ خَطِّ النَّاسِخِ وَهُوَ أَمْرٌ مُهِمٌّ، وَإِذَا غَلِطَ النَّاسِخُ فِي كِتَابَتِهِ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ قَالَهُ زي. وَقَوْلُهُ: " إذَا غَلِطَ النَّاسِخُ فِي كِتَابَتِهِ " أَيْ غَلَطًا فَاحِشًا.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ وَمِرْوَدِ الْكَحَّالِ وَذَرُورِهِ وَمَرْهَمِ الْجَرَايِحِيِّ وَصَابُونِ الْغَسَّالِ وَمَائِهِ وَوُقُودِ الْخَبَّازِ ق ل. وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>