للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّغَةِ، فَمَنْ اطَّرَدَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي مَحِلِّ الْإِجَارَةِ وَجَبَ الْبَيَانُ.

وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ غَالِبًا، فَيُؤَجَّرُ الرَّقِيقُ وَالدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَالدَّابَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ.

(وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ (بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) وَلَا بِمَوْتِهِمَا بَلْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجَرَ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ فَلَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ، لَكِنْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ وَمَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. وَمِنْهَا الْمُدَبَّرُ فَإِنَّهُ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. وَاسْتُثْنِيَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْته فِي شَرْحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَحْوِ سَرْجٍ.

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ مُدَّةً، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْمُدَّةُ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْإِجَارَةُ هِيَ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً، وَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بَيْنَهُمَا إلَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَفِي الصَّحِيحَةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَفِي الْفَاسِدَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى الْعَيْنِ وَإِلَّا فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ لِتَقْصِيرِهِ.

قَوْلُهُ: (مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَقُولُ أَجَرْتُك هَذِهِ الْعَيْنَ مُدَّةَ بَقَائِهَا. فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ، بَلْ أَنْ يَعْقِدَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُك سَنَةً أَوْ شَهْرًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى مَا يَتَّصِلُ بِالْعَقْدِ، أَمَّا انْتِهَاءُ الْمُدَّةِ فَشَرْطٌ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ.

فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَ الْعَيْنَ مُدَّةً لَا تَبْقَى فِيهَا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الزَّائِدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، فَإِذَا أَخْلَفَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ لِبَقَائِهَا بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الزَّائِدِ لِظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَيُؤَجِّرُ الرَّقِيقَ إلَخْ) مَا لَمْ يَبْلُغْ الرَّقِيقُ الْعُمْرَ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَسَنَةً سَنَةً ح ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ لَهَا أَحْكَامًا ثَلَاثَةً.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُرْتَبِطَةٍ وَمُتَعَلِّقَةٍ بِالْعَيْنِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجِرَ إلَخْ) وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ سَتُؤَجَّرُ مِنْهَا وَإِلَّا فَإِنْ قَامَ الْوَارِثُ بِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ سم. قَوْلُهُ (الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ فِي الْعَقْدِ كَالْمُكْتَرِي لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ إلَخْ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْرِدًا.

قَوْلُهُ: (لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ) أَيْ فَفِي الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ جِهَتَانِ: كَوْنُهُ مَوْرِدًا وَكَوْنُهُ عَاقِدًا، وَالِانْفِسَاخُ مِنْ الْأُولَى لَا مِنْ الثَّانِيَةِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يُسْتَثْنَى. قَوْلُهُ: (مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ) أَيْ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِانْفِسَاخِ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ، فَإِنَّ الِانْفِسَاخَ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ لَا لِأَجْلِ مَوْتِ الْعَاقِدِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَاقِدُ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ.

قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقَ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ أَجَرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَاتَّفَقَ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ مَعَ مَوْتِ السَّيِّدِ. فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، لَكِنْ لَا بِمَوْتِ الْعَاقِدِ بَلْ لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ. وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْفِسَاخِ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: م د قَوْلُهُ: " مَعَ مَوْتِهِ " لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَظْهَرَ وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ يُعْتَقُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ مُطْلَقًا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (تَنْفَسِخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>