للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ. .

وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْ حَاكِمً أَوْ مَنْصُوبِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوَقْفِ وَأَجَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَلَوْ أَجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً وَمَاتَ الْبَطْنُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَشَرَطَ الْوَاقِفُ لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ النَّظَرَ فِي حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَقَطْ، أَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا أَوْ مَا لَهُ مُدَّةٌ لَا يَبْلُغُ فِيهَا الصَّبِيُّ بِالسِّنِّ فَبَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ رَشِيدٌ انْفَسَخَتْ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ. وَلَا تَنْفَسِخُ فِي الصَّبِيِّ [] ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ تَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ.

(وَتَبْطُلُ) أَيْ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (بِتَلَفِ) كُلِّ (الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) كَانْهِدَامِ كُلِّ الدَّارِ لِزَوَالِ الِاسْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِمَوْتِهِ) قَدْ يُقَالُ انْفِسَاخُهَا بِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ لَا بِمَوْتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُدَبَّرِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ.

قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ) أَيْ إذَا أَجَرَهُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ تُوجَدُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَوُجُودُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حُكْمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ عَقْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بَعْدَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِهِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّمْلِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوَقْفِ) بِأَنْ قَالَ الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ كَذَا عَلَى زَيْدٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا وَشَرَطَ النَّظَرَ لَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَائِدٌ عَلَيْهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ وَلَا حَقَّ لِوَارِثِهِ فِيهِ ق ل، قَدْ يُقَالُ: انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِهِ لِكَوْنِهِ أَجَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَجَرَ إلَخْ) هَلَّا قَالَ: وَمَا لَوْ أَجَرَ إلَخْ. وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: " مَا لَوْ كَانَ إلَخْ " وَيَجْعَلُ مَسْأَلَةَ إيجَارِ الْوَلِيِّ مَسْأَلَةَ الْوَلِيِّ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا تَنْفَسِخُ بِبُلُوغٍ بِغَيْرِ سِنٍّ.

قَوْلُهُ: (لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ) الْمُرَادُ لِكُلِّ شَخْصٍ سَوَاءٌ كَانَ بَطْنًا أَوْ بَعْضَهَا ق ل، أَوْ الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ أَفْرَادُهَا أَيْ أَفْرَادُ كُلِّ بَطْنٍ.

قَوْلُهُ: (مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ شَرْطَ النَّظَرِ لِكُلِّ بَطْنٍ أَوْ قَيَّدَهُ بِنَحْوِ الْأَرْشَدِ مِنْهُمْ وَمَا لَوْ تَأَخَّرَ التَّدْبِيرُ أَوْ الْإِيلَادُ أَوْ التَّعْلِيقُ عَنْ الْإِيجَارِ، فَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِ النَّظَرِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُؤَجِّرِ فِي الْأُولَى وَتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ فِي الثَّانِيَةِ سم.

قَوْلُهُ: (مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا الصَّبِيُّ) فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ بِهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا فِيمَا زَادَ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ ق ل. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) جَوَابُ لَوْ.

قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " انْتَقَلَ " وَقَوْلُهُ: " وَلَا وِلَايَةَ لَهُ " أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ، وَقَوْلُهُ: " عَلَيْهِ " أَيْ الْوَقْفِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ) كَالْحَاكِمِ وَمَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ. قَوْلُهُ: " وَلَا نِيَابَةَ " كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَهُ: " وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ إلَخْ " شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ) عَطْفٌ عَلَى انْفَسَخَتْ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ إجَارَةِ الصَّبِيِّ عَنْ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَجَعْلَهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً؛ لِأَنَّ جَوَابَهَا مُخَالِفٌ لِجَوَابِ مَا قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَتَنْفَسِخُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الْبُطْلَانِ بِالِانْفِسَاخِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَذِكْرُ الْمُسْتَقْبَلِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ ق ل. وَقَدْ يُقَالُ لَهُ حَاجَةٌ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ يُوهِمُ بُطْلَانَهَا مِنْ أَصْلِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا مِنْ حِينِ عُرُوضِ الْمَانِعِ، وَالْبُطْلَانُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: التَّلَفُ، وَكَوْنُهُ لِكُلِّ الْعَيْنِ، وَكَوْنُ الْإِجَارَةِ إجَارَةَ عَيْنٍ. أَمَّا التَّعَيُّبُ وَتَلَفُ الْبَعْضِ فَيُثْبِتُ الْخِيَارَ لَا الْفَسْخَ، وَأَمَّا التَّلَفُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَيَجِبُ فِيهِ الْإِبْدَالُ فَلَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا تَلِفَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ وَسَلِمَ الْمَحْمُولُ أَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَسَلِمَ الْحَمْلُ وَمَوْتِ الْخَيَّاطِ وَالْبَنَّاءِ وَالصَّبَّاغِ وَالْمُعَلِّمِ وَسَلِمَ الثَّوْبُ وَالْبِنَاءُ وَالصَّبِيُّ الْمُتَعَلِّمُ وَجَبَ قِسْطُ الْأُجْرَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ كَأَنْ غَرِقَتْ الْحُمُولُ وَسَلِمَتْ السَّفِينَةُ أَوْ انْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ الْمَحْمُولَةُ وَسَلِمَ الْحَامِلُ فَلَا أُجْرَةَ لِلْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ الثَّوْبُ بِسَرِقَةٍ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ أَوْ قَبْلَ تَكْمِيلِ صَبْغِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي بَيْتِهِ وَجَبَ الْقِسْطُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا فَلَا يَجِبُ الْقِسْطُ كَغَرَقِ الْمَحْمُولِ وَسَلَامَةِ السَّفِينَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>