للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْبَيْعِ حَصَلَ عَلَى جُمْلَةِ الْمَبِيعِ، وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا. وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ لِبَقَاءِ الِاسْمِ مَعَ إمْكَانِ زَرْعِهَا بِغَيْرِ الْمُنْقَطِعِ، بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي. وَتَنْفَسِخُ بِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتَرٍ لِلْمُعَيِّنِ مُدَّةَ حَبْسِهِ إنْ قَدَّرَ بِمُدَّةٍ سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ الْمُكْرِي أَمْ غَيْرُهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْمُكْتَرِي، أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي، وَلَا بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِتَلَفِ كُلِّ الْعَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ حِسًّا كَمَا مَثَّلَ أَوْ شَرْعًا، كَامْرَأَةٍ اُكْتُرِيَتْ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ مُدَّةً فَحَاضَتْ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: " فَحَاضَتْ " قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ، وَنَحْوُهُ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَفَتْ وَخَدَمَتْ بِنَفْسِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ؛ قَالَ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ (الْمُسْتَأْجَرَةِ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ كَأَنْ أَسْلَمَهُ دَابَّةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَتَلِفَتْ، فَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِتَلِفِهَا وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهَا وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إبْدَالُهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ عِنْدَ يَسَارِهِ دُونَ إعْسَارِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ أَيْ عِنْدَ الْإِعْسَارِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (كَانْهِدَامِ كُلِّ الدَّارِ) سَوَاءٌ هَدَمَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ انْهَدَمَتْ بِنَفْسِهَا. وَفِي هَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَاعِدَةِ: مَنْ اسْتَعْجَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. كَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَوْ اسْتَعْجَلَتْ إلْقَاءَ الْحَمْلِ أَوْ الْحَيْضَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: " عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ " أَيْ بِحِرْمَانِ الِانْفِسَاخِ بِأَنْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ الِاسْمِ) فِيهِ أَنَّ الِاسْمَ لَا يَزُولُ؛ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الثَّانِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَيْهَا فِي حَالِ الِانْهِدَامِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ.

قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ) فَلَوْ لَمْ يُمْكِنُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَتَأَتَّ سَوْقُ مَاءٍ إلَيْهَا أَصْلًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ اهـ مَرْحُومِيٌّ

وَأُجْرَةُ سَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا فَانْحَسَرَ عَنْ بَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْهُ دُونَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ. اهـ. زي. وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، وَكَذَا لَهُ الْخِيَارُ إنْ تَأَخَّرَ انْحِسَارُ الْمَاءِ عَنْهَا عَنْ أَوَانِ الزَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (بِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتَرٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ مِنْ مُكْرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. وَلَوْ كَانَ حَبْسُ الْمُكْرِي لِأَجْلِ الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا حَبْسُ الْأَجْنَبِيِّ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ظُلْمًا أَوْ عَنْ جِهَةِ الْمُكْرِي كَدَيْنٍ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَنْفَسِخُ مُدَّةَ الْحَبْسِ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُعَيِّنِ) خَرَجَ مَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ بَلْ يُبْدَلُ. وَفِي نُسْخَةٍ لِلْعَيْنِ: وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: " حَبْسِهِ ".

قَوْلُهُ: (مُدَّةَ حَبْسِهِ) ظَرْفٌ لِتَنْفَسِخَ وَانْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَا تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَنَّهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَبْسِ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ بِلَا عَقْدٍ، وَكَوْنُ الشَّيْءِ يَعُودُ صَحِيحًا بِلَا عَقْدٍ بَعْدَ انْفِسَاخِهِ مِمَّا لَا نَظِيرَ لَهُ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (إنْ قُدِّرَ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: إنْ قُدِّرَتْ؛ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَخَرَجَ بِالتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ التَّقْدِيرُ بِالْمَحَلِّ كَأَنْ آجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَكَان وَحُبِسَتْ مُدَّةَ إمْكَانِ الْمَسِيرِ إلَيْهِ فَلَا تَنْفَسِخُ إذْ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ وَقَوْلُهُ الْمُكْرَى وَلَوْ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ قَبْضَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَا بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ قَبْضُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ اسْتِيفَاؤُهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ) وَلَا خِيَارَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي) وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَيْهِ دَفْعُ الْأُجْرَةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ) هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>