للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجَارَةَ وَقْفٍ لِجَرَيَانِهَا بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُولِيهِ ثُمَّ زَادَتْ الْقِيمَةُ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ، وَلَا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ حَالَةَ مِلْكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا بِالدُّخُولِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى بِهِ كَمَحْمُولٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ، وَمُسْتَوْفًى فِيهِ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ فِي طَرِيقٍ إلَى قَرْيَةٍ بِمِثْلِ الْمُسْتَوْفِي وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ أَوْ بِدُونِ مِثْلِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا لَوْ أَكْرَى مَا اكْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّهُمَا طَرِيقَانِ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِمَا. وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفًى مِنْهُ كَدَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ إلَّا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ، فَيَجِبُ إبْدَالُهُ لِتَلَفٍ أَوْ تَعْيِيبٍ. وَيَجُوزُ مَعَ سَلَامَةٍ مِنْهُمَا بِرِضَا مُكْتَرٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ) فِي تَلِفِ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ، أَوْ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحِلِّ عَمَلٍ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ كَالْوَدِيعِ، فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فَتَلِفَتْ أَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ صَبْغِهِ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ أَمْ لَا، كَأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (بِالْغِبْطَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغِبْطَةِ هُنَا الْمَصْلَحَةُ؛ لِأَنَّ الْغِبْطَةَ مَا لَهُ وَقْعٌ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ) أَيْ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ) كَأَنْ أَجَرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِهِ عِتْقُهُ كَأَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَرَهُ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ قَبْلَهَا، شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ م ر وع ش. قَوْلُهُ: (وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَكُونُ الْمَهْرُ لَهَا، مَعَ أَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ وُجِدَ فِي مِلْكِهِ حَرَّرَهُ.

قَوْلُهُ: (يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفٍ) كَالرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِمَا شَاءَ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ. فَإِنْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِ الْمَحْمُولِ اُتُّبِعَ.

قَوْلُهُ: (بِمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِبْدَالِ فِي الثَّلَاثَةِ. وَقَوْلُهُ " أَمَّا الْأَوَّلُ " أَيْ جَوَازُ إبْدَالِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَكَمَا) أَيْ فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَكْرَى إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ " أَيْ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَكَانَ الْأَجِيرُ مُكَلَّفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا بِإِجَارَةٍ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ وَلِيِّهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّقْصِيرِ، وَالضَّمَانُ عَلَى وَلِيِّهِ لَا عَلَيْهِ. وَحَمَلَ الشَّارِحُ الْأَجِيرَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَأْجِرَ لِدَابَّةٍ مَثَلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: " فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً إلَخْ ".

وَحَمَلَهُ سم عَلَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ كَخِيَاطَةٍ وَأَلْحَقَ الْمُسْتَأْجِرَ بِهِ فَقَالَ: وَكَالْأَجِيرِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُسْتَأْجِرُ اهـ. وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْأَجِيرِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَغْلِيبٌ.

وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَالْمُكْتَرِي أَمِينٌ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ كَأَجِيرٍ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَمِينٌ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْأَجِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ) الْأَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ بِالْعَطْفِ عَطَفَ عِلَّةً عَلَى عِلَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: "؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَخْ " إذْ لَا حَقَّ لِلْأَجِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ، إذْ لَا يَلْزَمُهَا رَدُّهَا حِينَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ إذَا طَلَبَهَا كَالْوَدِيعَةِ اهـ سم. قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: " وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ الْغَايَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (كَالْوَدِيعِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَكَالْوَدِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (فَتَلِفَتْ) أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ: كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ إلَخْ حُرِّرَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْتَرَاهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ لِحِرَاسَةٍ كَالرَّاعِي. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ الَّذِينَ يَحْرُسُونَ الْأَسْوَاقَ بِاللَّيْلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ، وَمِنْ التَّقْصِيرِ النَّوْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>