قَعَدَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ حَتَّى يَعْمَلَ أَوْ أَحْضَرَ مَنْزِلَهُ لِيَعْمَلَ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ (إلَّا بِعُدْوَانٍ) كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّابَّةِ فَتَلِفَتْ بِسَبَبٍ، كَانْهِدَامِ سَقْفِ إصْطَبْلِهَا عَلَيْهَا فِي وَقْتِ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا فِيهِ عَادَةً لَسَلِمَتْ وَكَأَنْ ضَرَبَهَا أَوْ نَخَعَهَا بِاللِّجَامِ فَوْقَ عَادَةٍ فِيهِمَا، أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ، أَوْ أَسْكَنَ مَا اكْتَرَاهُ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارَ دَقٍّ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ حَمَّلَ الدَّابَّةَ مِائَةَ رِطْلِ شَعِيرٍ بَدَلَ مِائَةِ رِطْلِ بُرٍّ أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ حَمَّلَهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ بُرٍّ بَدَلَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَيَصِيرَ ضَامِنًا لَهَا لِتَعَدِّيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَّلَهَا عَشْرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ بَدَلَ عَشْرَةِ أَقْفِزَةِ بُرٍّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالنِّسْيَانُ وَالْغَيْبَةُ إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْ مِثْلَهُ أَوْ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ اللَّيْلُ وَلَمْ يُبَادِرْ حَتَّى سُرِقَتْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، ح ل وَز ي مَعَ زِيَادَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا أَنَّ خَفِيرَ الْجُرْنِ وَخَفِيرَ الْغَيْطِ وَنَحْوَهُمَا عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ حَيْثُ قَصَّرُوا. اهـ. ع ش. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ) لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ كَمَا تَسَلَّمَهَا، فَلَوْ تَعَجَّلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا.
وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ دَفْعِ كِرَاءِ الْمَحْمُولِ مُعَجَّلًا ثُمَّ تَغْرَقُ السَّفِينَةُ قَبْلَ وُصُولِهَا مَكَانَ التَّسْلِيمِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَعَجِّلِ رَدُّهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا بِعُدْوَانٍ) وَمِنْ التَّعَدِّي مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى دَابَّةً فَأَعْطَاهَا لِآخَرَ يَرْعَاهَا فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَهُ، وَإِلَّا فَالْقَرَارُ عَلَى الْأَوَّلِ. وَكَذَا لَوْ أَسْرَفَ الْخَبَّازُ فِي الْوَقُودِ أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ شَرْحِ م ر. وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ مِثْلَ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ يَحْصُلُ بِدُونِ ضَرْبٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ س ل. وَمِثْلُهُمْ الْحَمَّامِيُّ إذَا اُسْتُحْفِظَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ وَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَفْرَادَ الْأَمْتِعَةِ قِطْعَةً قِطْعَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَفْرَادِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْغَارِمُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْأَجِيرُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الضَّمَانِ سم، نَعَمْ إنْ أَخْبَرَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ بِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ تَعَدٍّ لَمْ يُصَدَّقْ وَعُمِلَ بِقَوْلِهِمَا اهـ.
قَوْلُهُ: (كَانْهِدَامِ سَقْفِ إصْطَبْلِهَا إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ لُسِعَتْ بِحَيَّةٍ فِي الْمَكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ انْهِدَامِ الْإِصْطَبْلِ أَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ هَذَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سُرِقَتْ. اهـ. عَزِيزِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " إصْطَبْلِهَا " هَمْزَةُ قَطْعٍ لَا هَمْزَةُ وَصْلٍ.
قَوْلُهُ: (فِي وَقْتٍ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ ضَمَانَ الدَّابَّةِ بِوَضْعِهَا فِي الْأَصْلِ فِي وَقْتٍ جَرَى الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ز ي، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ م ر، كَأَنْ سُرِقَتْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ أَنَّ ضَمَانَ الْيَدِ يَحْصُلُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا، فَإِنْ سُرِقَتْ مَثَلًا ضَمِنَ وَضَمَانُ الْجِنَايَةِ إنَّمَا يَضْمَنُهَا بِوُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ هُنَا الْهَدْمُ بِسَبَبِ الرَّبْطِ أج. وَمِثْلُ السَّرِقَةِ لَسْعُ عَقْرَبٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهَا صَاعِقَةٌ، أَيْ فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْيَدِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّلَفَ الْحَاصِلَ بِالرَّبْطِ يُضْمَنُ ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ، خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيّ اهـ. وَقَالَ سم: وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِي رَدِّهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي وَقْتِهِ فَمَاتَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهَا وَكَذَا لَوْ تَلِفَتْ بِمَا لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا مِنْهُ كَانْهِدَامِ السَّقْفِ عَلَيْهَا فِي لَيْلٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: (لَسَلِمَتْ) أَيْ مِنْ التَّلَفِ بِهَذَا السَّبَبِ. وَوَجْهُ كَوْنِهِ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَمَّا نَشَأَ الِانْهِدَامُ عَلَيْهَا مِنْ تَرْكِهِ لَهَا كَانَ كَأَنْ بِفِعْلِهِ.
قَوْلُهُ: (فَوْقَ عَادَةٍ) هَذَا ضَمَانُ يَدٍ فَمَتَى تَلِفَتْ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ضَمِنَهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أج.
قَوْلُهُ: (مِائَةَ رِطْلِ شَعِيرٍ إلَخْ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْبُرِّ بِسَبَبِ ثِقَلِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَالشَّعِيرِ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ، فَضَرَرُهُمَا مُخْتَلِفٌ شَرْحِ م ر بِتَغْيِيرٍ. وَأَيْضًا الشَّعِيرُ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ يَتَمَوَّجُ بِسَبَبِ الْهَوَاءِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ مِنْ الْبُرِّ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدُونِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضُرُّ إبْدَالُ الْمَوْزُونِ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ وَبِأَثْقَلَ، وَالْمَكِيلُ يَضُرُّ إبْدَالُهُ بِأَثْقَلَ مِنْهُ فَقَطْ مَيْدَانِيٌّ، أَيْ وَيَجُوزُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ، فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ أَيْ إذَا كَانَ مَكِيلًا، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ أَيْ مِثْلِهِ فِي الْحَجْمِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ اسْتِوَائِهِمَا) فَلَا يَرِدُ عَدَمُ جَوَازِ إبْدَالِ مِائَةِ رِطْلِ بُرٍّ بِمِائَةِ رِطْلِ شَعِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِعَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ؛ لِأَنَّ