للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَئِذٍ عَلَى الْجَاعِلِ (ذَلِكَ الْعِوَضَ الْمَشْرُوطَ لَهُ) فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْجُعْلِ الَّذِي شَرَطَهُ لِلْعَامِلِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ بِتَغْيِيرِ جِنْسِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَمْ بَعْدَهُ، كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَلْ أَوْلَى كَأَنْ يَقُولَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ عَشَرَةٌ. ثُمَّ يَقُولَ فَلَهُ خَمْسَةٌ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ دِينَارٌ، ثُمَّ يَقُولَ فَلَهُ دِرْهَمٌ فَإِنْ سَمِعَ الْعَامِلُ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ اُعْتُبِرَ النِّدَاءُ الْأَخِيرُ، وَلِلْعَامِلِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْعَامِلُ أَوْ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ الْأَخِيرَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْفَسْخُ مِنْ الْمَالِكِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَوْ عَمِلَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ خَاصَّةً وَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ نِصْفَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ، وَعَلَيْهِ لِمَنْ اسْتَنَابَهُ مِنْ بَاطِنِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. اهـ. ع ش. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِيهِ أَيْضًا عَنْ مَسْجِدٍ انْهَدَمَ وَتَعَطَّلَتْ شَعَائِرُهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ الْمَعْلُومَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَنْ تُمْكِنُهُ الْمُبَاشَرَةُ مَعَ الِانْهِدَامِ كَقِرَاءَةِ حِزْبِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَلَوْ صَارَ كَوْمًا اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ إنْ بَاشَرَ، وَمَنْ لَا تُمْكِنُهُ الْمُبَاشَرَةُ كَبَوَّابِ الْمَسْجِدِ وَفَرَّاشِهِ اسْتَحَقَّ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ وَيَجِبُ عَلَى إمَامِهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَوْنُهُ إمَامًا، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى النَّاظِرِ الْقَطْعُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَعَوْدُهُ وَإِلَّا نَقَلَ مَعْلُومَهُمْ لِأَقْرَبَ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (فِي الْجُعْلِ) وَمِثْلُهُ الْعَمَلُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يَجُوزُ) أَيْ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَجَازَ فِيهِ ذَلِكَ، فَهَذَا أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ النِّدَاءَ الْأَخِيرَ، أَيْ أَصْلًا، سَوَاءٌ كَانَ التَّغْيِيرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: " لِأَنَّ النِّدَاءَ الْأَخِيرَ إلَخْ " عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ لِعَدَمِ شُمُولِهَا لِمَا إذَا كَانَ التَّغْيِيرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَلِهَذَا جَعَلَ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مُلْحَقًا بِالتَّغْيِيرِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الثَّانِيَ) أَيْ عَمِلَا مَعًا بِأَنْ رَدَّا مَعًا الضَّالَّةَ مَثَلًا ق ل. وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ: إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ وَلِآخَرَ إنْ رَدَدْته أَرْضَيْتُك فَرَدَّاهُ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ أُجْرَةِ عَمَلٍ مِثْلِهِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ رَقِيقَهُ بِرَدِّهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْإِعْتَاقِ؛ وَلَا يَضُرُّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ طَرَيَانُ حُرِّيَّتِهِ أَيْ عَدَمُ أَصَالَتِهَا كَمَا لَوْ أَعَانَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَالِكَ. وَأَفْتَى أَيْضًا فِي وَلَدٍ قَرَأَ عِنْدَ فَقِيهٍ مُدَّةً ثُمَّ نُقِلَ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ فَطَلَعَ عِنْدَهُ سُورَةٌ يَعْمَلُ لَهَا سُرُورٌ كَالْأَصَارِيفِ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ فُتُوحٌ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأَوَّلُ، اهـ شَرْحِ م ر اهـ.

فِي فَتَاوَى الْكَفُورِيِّ الْمَالِكِيِّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: هَلْ لِمُعَلِّمِ الْأَطْفَالِ أَخْذُ الصِّرَافَةِ وَإِنْ لَمْ تُشْرَطْ هُنَاكَ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ: لَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ تُشْرَطْ، أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا عَلَى الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ إذَا امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ وَلَا حَدَّ فِيهَا وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى حَالِ الْأَبِ فِي يُسْرِهِ وَعُدْمِهِ، وَيُنْظَرُ فِيهَا أَيْضًا إلَى حَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ حَافِظًا فَتَكُونُ حِذْقَتُهُ أَيْ صِرَافَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي لَا يَحْفَظُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَبُ تَرْكَهَا؛ وَمَحَلُّ الْحِذْقَةِ مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ بِهِ الْعُرْفُ بَيْنَ النَّاسِ مِثْلَ " لَمْ يَكُنْ " وَ " عَمَّ " وَ " تَبَارَكَ " وَ " الْفَتْحِ " وَ " الصَّافَّاتِ ". وَالْعُرْفُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، وَلَا يَقْضِي بِهَا فِي مِثْلِ الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ وَتُسْتَحَبُّ هُنَاكَ أَيْضًا. قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَإِذَا قُلْنَا يَقْضِي بِالْحِذْقَةِ فَمَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَخْذِهَا وَالْقَضَاءِ بِهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُعَلِّمِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْمُعَلِّمُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْأَبِ، إذَا وَقَفَ الصَّبِيُّ فِي غَيْرِ الْمُتَشَابِهِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرُّ بِالْحِذْقَةِ وَإِلَّا ضَرَّ وَلَا حِذْقَةَ فَإِنْ أَخْرَجَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ مِنْ عِنْدِ الْمُعَلِّمِ وَالْبَاقِي عَلَى مَحَلِّ الْحِذْقَةِ يَسِيرٌ فَهِيَ لَازِمَةٌ، وَإِنْ بَقِيَ كَالسُّدُسِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُعَلِّمُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْأَبَ بِحِسَابِ مَا مَضَى، اهـ وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ فَاحْفَظْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>