فَيَفْسُدُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْعَمَلُ الَّذِي يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا عَسُرَ عِلْمُهُ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ عِلْمُهُ اُعْتُبِرَ ضَبْطُهُ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ الْجَهْلِ. فَفِي بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يَبْنِي بِهِ، وَفِي الْخِيَاطَةِ يُعْتَبَرُ وَصْفُهَا وَوَصْفُ الثَّوْبِ.
(وَإِذَا رَدَّهَا) أَيْ الضَّالَّةَ، أَوْ رَدَّ غَيْرَهَا مِنْ الْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِ الْخِيَاطَةِ مَثَلًا (اسْتَحَقَّ) الْعَامِلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
نَظَائِرِهِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الْخَلَاصَ غَايَةً لِلتَّكَلُّمِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِالْخَلَاصِ، وَفِي كَلَامِ سم جَوَازُ الْجِعَالَةِ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ. وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ الْبَذْلُ جَائِزٌ، أَيْ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِمَالٍ مَرْحُومِيٌّ وم ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَأْقِيتَهُ قَدْ يُفَوِّتُ الْغَرَضَ) فَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي إلَى شَهْرٍ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِهِ فِيهَا فَيَضِيعُ سَعْيُهُ، وَلَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ سَوَاءٌ أَضُمُّ إلَيْهِ مِنْ مَحَلِّ كَذَا أَمْ لَا شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (بَلْ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُغْتُفِرَ الْجَهْلُ فِي الْقِرَاضِ مُطْلَقًا فَلَأَنْ يُغْتَفَرَ الْجَهْلُ الَّذِي عَسُرَ عِلْمُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ح ل
قَوْلُهُ: (اسْتَحَقَّ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا وَفِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَسَائِرِ الْوَظَائِفِ الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ، أَيْ وَلَوْ بِدُونِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ إذَا اسْتَنَابَ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ أَيْ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، إذْ الْمُسْتَنِيبُ لَمْ يُبَاشِرْ وَالنَّائِبُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ، شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ: " الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ " أَيْ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، كَالْمُتَفَقِّهِ أَيْ طَالِبِ الْفِقْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ حَتَّى عِنْدَ السُّبْكِيّ إذْ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَتَفَقَّهَ عَنْ غَيْرِهِ؛ ابْنُ حَجَرٍ. أَيْ إذَا كَانَ مُدَرِّسٌ لَهُ طَلَبَةٌ طَالِبُونَ لِلْفِقْهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُنِيبَ غَيْرَهُ عَلَى كَلَامِهِ. قَالَ سم: اعْتَمَدَ م ر جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ لِلْمُتَفَقِّهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِنَابَةِ، وَيَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ لِلْأَيْتَامِ الْمُنْزَلِينَ بِمَكَاتِبِ الْأَيْتَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يَتِيمًا مِثْلَهُ اَ هـ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ خَيْرًا مِنْهُ " أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِرَاءَةَ جُزْءٍ مَثَلًا وَكَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَالِمًا لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّائِبِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْجُزْءِ كَقِرَاءَةِ الْمُسْتَنِيبِ لَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: " وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ " أَيْ وَالنَّائِبُ مَا الْتَزَمَهُ لَهُ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاشَرَ شَخْصٌ بِلَا اسْتِنَابَةٍ مِنْ صَاحِبِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُبَاشِرُ لَهَا عِوَضًا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لَهُ، وَكَذَا صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ حَيْثُ لَمْ يُبَاشِرْ لَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا إذَا مَنَعَهُ النَّاظِرُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فَيَسْتَحِقُّ لِعُذْرِهِ بِتَرْكِ الْمُبَاشَرَةِ. وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ: أَنَّ رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ إمَامَةُ شَرِكَةٍ بِمَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ، ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ صَارَ يُبَاشِرُ الْإِمَامَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَابَةٍ مِنْ وَلَدِ أَخِيهِ وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ الْأَخِ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ زِيَادَةً عَلَى مَا يُقَابِلُ نِصْفَهُ الْمُقَرَّرَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَّ حَيْثُ عَمِلَ بِلَا اسْتِنَابَةٍ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَوَلَدُ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يَسْتَنِبْ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْمَعْلُومَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُبَاشَرَةِ، فَمَا يَخُصُّ وَلَدَ الْأَخِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ النَّاظِرُ لِمَصَالِح الْمَسْجِدِ؛ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا. وَوَقَعَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ إفْتَاءٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ خَطَأٌ،. اهـ. ع ش عَلَى م ر. فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْخَطَابَةِ يَسْتَنِيبُ خَطِيبًا يَخْطُبُ عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ النَّائِبَ يَسْتَنِيبُ آخَرَ؛ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَهُ لَهُ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلِمَ بِهِ الْمُسْتَنِيبُ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى رِضَا صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِثْلَهُ وَيَسْتَحِقَّ مَا جُعِلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى الرِّضَا بِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute