للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ غَيْرَ عَالَمٍ بِإِذْنِهِ وَالْتِزَامِهِ. وَلِمَنْ رَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ، فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا، أَوْ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَهُ كُلُّ الْجُعْلِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ. وَقَوْلُهُ عِوَضًا مَعْلُومًا إشَارَةٌ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْجُعْلُ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ فَمَا لَا يَصِحُّ ثَمَنًا لِجَهْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ مَعَ الْجَهْلِ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِهِ هُنَا كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ. فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ إنْ دَلَّنَا عَلَى قَلْعَةٍ جَارِيَةٍ مِنْهَا، وَمَا لَوْ وَصَفَ الْجُعْلَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ ثَمَنًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ.

وَشُرِطَ فِي الْعَمَلِ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ كُلْفَةٌ وَعَدَمُ تَعَيُّنِهِ، فَلَا جُعْلَ فِيمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَلَا فِيمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا وَالْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِ، أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِنَحْوِ غَصْبٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ؛ لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا يُقَابَلَانِ بِعِوَضٍ، وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَعَدَمُ تَأْقِيتِهِ؛ لِأَنَّ تَأْقِيتَهُ قَدْ يُفَوِّتُ الْغَرَضَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ، وَمِنْ الِالْتِزَامِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ غَرِمْته أَوْ صَرَفْته كَانَ عَلَيْنَا، وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاجَةِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، إلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ صِدْقَ الْقَائِلِ فِيمَا يَظْهَرُ سم. لَا يُقَالُ لَا وَجْهَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي الْوَاقِعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْعَامِلُ، وَإِنَّمَا اعْتَقَدَهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ، أَوْ مِنْ ثُلُثِهِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَهُ؛ وَمَحَلُّهُ إذَا تَسَاوَتْ الطَّرِيقُ سُهُولَةً وَحُزُونَةً أَيْ صُعُوبَةً، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ النِّصْفِ ضِعْفَ أُجْرَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْجُعْلِ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا) مَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ كُلِّ الْجُعْلِ إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ الْمُعَيَّنَةَ، فَلَوْ رَدَّهُ وَرَأَى الْمَالِكَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (يُفْسِدُ الْعَقْدَ) وَلِلْعَامِلِ فِي جُعْلٍ فَاسِدٍ يَقْصِدُ أُجْرَةَ مِثْلٍ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ؛ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ فِيهِمَا لِلْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (الْعِلْجِ) هُوَ فِي الْأَصْلِ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْكَافِرُ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (جَارِيَةٍ مِنْهَا) لَيْسَتْ قَيْدًا. وَعِبَارَةُ م ر: وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْجُعْلِ مَا لَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِمَنْ يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ جُعْلًا كَجَارِيَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ أج.

قَوْلُهُ: (بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ) أَيْ وَكَانَ مُعَيَّنًا، كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ الثَّوْبُ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، فَاسْتَغْنَى بِوَصْفِهِ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ، فَيَصِحُّ هَهُنَا دُونَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ فِيهِ وَصْفُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَ التَّعَيُّنِ م د.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي إلَخْ) هَكَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَهِيَ: فَلَا جُعْلَ فِيمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ كَأَنْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ وَالْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِ، وَلَا كُلْفَةَ وَلَا فِيمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ مَالِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِنَحْوِ غَصْبٍ إلَخْ مَرْحُومِيٌّ. وَأَجَابَ أج بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: " وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ " بِمَعْنَى " أَوْ " فَيَكُونُ تَصْوِيرًا لِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ، وَلَكِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَمَا قَبْلَهُ تَصْوِيرٌ لِمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَسْتَحِقُّ مَا جُعِلَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا جَاعَلَ الْعَامِلَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ مَنْ يُطْلِقُهُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ كَأَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَنْتَظِرَ الْمَدِينُ إلَى أَنْ يَبِيعَ غِلَالَهُ مَثَلًا اسْتَحَقَّ مَا جُعِلَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ أَنَّ الزَّيَّاتِينَ وَالطَّحَّانِينَ وَنَحْوَهُمْ، كَالْمَرَاكِبِيَّةِ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يَمْنَعُ عَنْهُمْ الْمُحْتَسِبَ وَأَعْوَانَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا هَلْ ذَلِكَ مِنْ الْجِعَالَةِ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ الْجِعَالَةِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ الْمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ فِي مُقَابَلَةِ تَخْلِيصِهِ مِنْ الْحَبْسِ، وَهَذَا مِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. وَمِنْ ذَلِكَ الْحِمَايَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ فِي خَلَاصِهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ بِكَلَامِهِ. وَقِيَاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>