للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْضُلَ عَنْ حَاجَتِهِ) لِنَفْسِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَشَجَرِهِ وَزَرْعِهِ (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ غَيْرُهُ لِنَفْسِهِ) فَيَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ عَنْ شُرْبِهِ لِشُرْبِ غَيْرِهِ الْمُحْتَرَمِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَقَوْلُهُ: (أَوْ لِبَهِيمَتِهِ) أَيْ يَجِبُ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِبَهِيمَةِ غَيْرِهِ الْمُحْتَرَمَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» . تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَاجَةَ وَقَيَّدَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بِالنَّاجِزَةِ، قَالَ: فَلَوْ فَضَلَ عَنْهُ الْآنَ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَجَبَ بَذْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَكَذَا تَارِكُ الْوُضُوءِ فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْبَهِيمَةُ الْمَأْكُولَةُ إذَا وُطِئَتْ مُحْتَرَمَةً، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُذْبَحُ فَيَجِبُ الْبَذْلُ لَهَا. (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يَكُونَ) الْمَاءُ الْفَاضِلُ عَمَّا تَقَدَّمَ (مِمَّا يُسْتَخْلَفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَخْلُفُهُ مَاءٌ غَيْرُهُ (فِي بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ) فِي جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يُخْلَفُ كَالْقَارِ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ فَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الِاسْتِخْلَافِ لَا يَلْحَقُهُ، ضَرَرٌ بِالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهِ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ الْمَاءِ كَلَأٌ مُبَاحٌ تَرْعَاهُ الْمَوَاشِي، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاشِيَةَ إنَّمَا تَرْعَى بِقُرْبِ الْمَاءِ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْ الْمَاءِ فَقَدْ مُنِعَ مِنْ الْكَلَإِ وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ لَا يَجِدَ مَالِكُ الْمَاشِيَةِ عِنْدَ الْكَلَإِ مَاءً مُبَاحًا، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ. وَالشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ فِي وُرُودِ الْمَاشِيَةِ إلَى مَائِهِ ضَرَرٌ فِي زَرْعٍ وَلَا مَاشِيَةٍ، فَإِنْ لَحِقَهُ فِي وُرُودِهَا ضَرَرٌ مُنِعَتْ، لَكِنْ يَجُوزُ لِلرُّعَاةِ اسْتِقَاءُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَوَاجِبٌ بِذَلِكَ لِلْمَا الْفَاضِلِ ... لِحُرْمَةِ الرُّوحِ بِلَا مُقَابِلِ

إنْ كَانَ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا وَثَمْ ... كَلَأٌ مُبَاحٌ قَدْ رَعَاهُ الْمُحْتَرَمْ

وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ مُبَاحٌ وَالضَّرَرْ ... قَدْ انْتَفَى عَنْ صَاحِبِ الْمَا فِي الشَّجَرْ

قَوْلُهُ: (وَزَرْعِهِ) اقْتَضَى هَذَا تَقْدِيمَ زَرْعِ صَاحِبِ الْمَاءِ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَاشِيَتِهِ، الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذِي رُوحٍ لِغَيْرِهِ عَلَى زَرْعِهِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ ق ل.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْآدَمِيِّينَ) أَيْ وَغَيْرِهِمْ، بِدَلِيلِ إخْرَاجِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ بَعْدَ مِنْ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ: إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ يَجِبُ تَقْدِيرُهُ، مَعْنَاهُ يَجِبُ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ " أَيْ "؛ لِأَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ بِمَعْنَاهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِبَهِيمَتِهِ) خَرَجَ بِهِ زَرْعُ الْغَيْرِ، فَلَا يَجِبُ بَذْلُ الْمَاءِ لِأَجْلِهِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (لِتَمْنَعُوا) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْفِيِّ وَاللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ، وَالْمَعْنَى إنْ مَنَعْتُمْ فَضْلَ الْمَاءِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَنْعُ الْكَلَإِ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ إذَا عَطِشَتْ لَا تَأْكُلُ وَهِيَ عَطْشَانَةُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَطَشَ يَسُدُّ مُنَافِسَ شَهْوَةِ الْأَكْلِ وَقَدْ يَجِدُ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ عِنْدَ مَا يَقُومُ بِهِ الْعَطَشُ لِوُجُودِ الْحَرَارَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْعَطَشِ وَمِثْلُ الْعَطَشِ حَرَارَةُ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ أَوْ تَعَبُ أَوْ مَرَضٌ، شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَارِكُ الْوُضُوءِ) كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا طَهَارَةٍ، فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَارِكٌ الصَّلَاةَ، فَلَا يَجِبُ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُ لِإِهْدَارِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْوُضُوءِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَلِمَ فَصَلَهُ عَنْهَا وَقَالَ فِي الْأَصَحِّ؟ قُلْت: لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَيَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَالْبَهِيمَةُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمَةٌ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ إذَا وُطِئَتْ مُعْتَرِضٌ بَيْنَهُمَا أَيْ وَطِئَهَا آدَمِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَا تُذْبَحُ) أَيْ بِسَبَبِ الْوَطْءِ، أَيْ لَا يَجِبُ ذَبْحُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ ذَبْحِهَا سَتْرًا عَلَى الْوَاطِئِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِهِ) أَيْ مَجَّانًا، وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِعِوَضٍ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ إلَخْ) هَلْ هَذَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَلَا يَجِبُ بَذْلُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ يُعْلَفُ بِعَلَفٍ مَمْلُوكٍ أَوْ يَرْعَى فِي كَلَإٍ مَمْلُوكٍ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ لَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ أَيْ يُهَيِّئُ الْمَاءَ كَالْعَلَفِ مَثَلًا ح ل وَشَرْحِ م ر كَالشَّارِحِ، وَاسْتَظْهَرَ الرَّشِيدِيُّ أَنَّهُ أَيْ الْمُبَاحَ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) أَتَى بِهِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَإِنْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>