للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ مَنَافِعُهُ فَالنَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ لَا الْعِمَارَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ

وَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ نَظَرًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْقَاضِي وَشَرْطُ النَّاظِرِ عَدَالَةٌ وَكِفَايَةٌ، وَوَظِيفَتُهُ عِمَارَةٌ وَإِجَارَةٌ وَحِفْظُ أَصْلٍ وَغَلَّةٍ وَجَمْعُهَا وَقِسْمَتُهَا عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعْمُرُ بِهِ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَوْ لَا؟ وَهُوَ الْجَوَازُ نَظَرًا لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَوْلُهُ " إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ " يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا أَرَادَ عِمَارَةَ مَسْجِدٍ خَرِبٍ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرِ آلَتِهِ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي جَعْلِ بَابِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ بِجِوَارِ مَنْ يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْجَامِعِ وَالْمُسْلِمِينَ. اهـ. ع ش. فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ حَادِثَةٍ، وَهِيَ أَنَّ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ وَجَدَ مِنْ رِيعِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ دَرَاهِمَ لَهَا صُورَةٌ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا فَاشْتَرَى بِهَا جِرَايَاتٍ وَجُعِلَتْ خُبْزًا وَوُزِّعَتْ عَلَى فُقَرَائِهِ، هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ وَجَوَابُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَاحْفَظْهُ اهـ ع ش وَفِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: يَجُوزُ إيقَادُ الْيَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ الْخَالِي لَيْلًا تَعْظِيمًا لَهُ لَا نَهَارًا لِلسَّرَفِ وَالتَّشْبِيهِ بِالنَّصَارَى. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَحْرُمُ إسْرَاجُ الْخَالِي وَجُمِعَ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا أُسْرِجَ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدَ أَوْ مِلْكِهِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَبَرَّعَ بِهِ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ مَا إذَا تَوَقَّعَ وَلَوْ عَلَى نَذْرِ احْتِيَاجِ أَحَدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّورِ، وَالثَّانِي: عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ ذَلِكَ. اهـ. حَجّ.

وَقَوْلُهُ " وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ " أَيْ إذَا مَاتَ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ نَظَرًا لِنَفْسِهِ إلَخْ) وَلَوْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِنَفْسِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، نَعَمْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مُتَكَلِّمًا غَيْرَ مُدَّةِ إعْرَاضِهِ فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ " لَمْ يَنْعَزِلْ بِنَفْسِهِ " وَمَنْ عَزَلَ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ بِفَرَاغٍ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَيَسْتَنِيبُ الْقَاضِي مَنْ يُبَاشِرُ عَنْهُ فِي الْوَظِيفَةِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ مِنْ الْوَظَائِفِ شَيْئًا لِأَحَدٍ حَالَ الْوَقْفِ اُتُّبِعَ، وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ الْإِمَامَةَ أَوْ الْخَطَابَةَ لِشَخْصٍ وَلِذُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ ذَلِكَ فَرَغَ عَنْهَا لِآخَرَ وَبَاشَرَ الْفُرُوعُ لَهُ فِيهِمَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ أَوْلَادٍ وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، ثُمَّ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمَفْرُوغُ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ؛ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَقْرِيرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لِلنِّيَابَةِ عَنْ الْفَارِغِ ثَابِتٌ لَهُ مُدَّةَ حَيَاةِ الْفَارِغِ؛ وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْفَارِغِ بِمَا أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَاغِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ الْوَظِيفَةُ عَنْهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ لَهُ وَقَدْ وُجِدَ وَقَرَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَنَّهُ يَقِفُ مَالَهُ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ حَالَ صِحَّتِهِ قَاصِدًا بِذَلِكَ حِرْمَانَ إنَاثِهِمْ، وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ " حَالَ صِحَّتِهِ " أَمَّا فِي حَالِ مَرَضِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْبَاقِينَ. اهـ. ع ش. قَوْلُهُ: (لِلْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ إجَارَتُهُ وَحِفْظُهُ وَنَحْوُهُمَا وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ قِسْمَةُ الْغَلَّةِ كَمَا فِي الْمَالِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِعْلُ مَا لَيْسَ لَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (وَعَدَالَةٌ) أَيْ بَاطِنَةٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَنْصُوبَ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ، خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ الْبَاطِنَةَ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ وَاكْتَفَى بِالظَّاهِرَةِ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ. اهـ. ز ي. وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَتَنَاوَلُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْبَصَرُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِاشْتِرَاطِ الْبَصَرِ فِي النَّاظِرِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ الْقَاضِيَ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَأَمَّا مَنْصُوبُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَكِفَايَةٌ) أَيْ لِمَا يَتَوَلَّاهُ.

قَوْلُهُ: (وَوَظِيفَتُهُ عِمَارَةٌ) وَالْعِمَارَةُ إنْ شَرَطَهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ تَعَيَّنَ، فَإِنْ فُقِدَ فَبَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ الْمَيَاسِيرُ لَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ وَشَرَطَ إنَّ تِلْكَ الدَّارَ لَا تُؤَجَّرُ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>