لَهُمَا.
وَالصِّفَةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَلْحَقَانِ الْمُتَعَاطِفَاتِ بِحَرْفٍ مُشَرِّكٍ كَالْوَاوِ وَالْفَاءِ، وَثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْهَا كَلَامٌ طَوِيلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي جَمِيعِ الْمُتَعَاطِفَاتِ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَا عَلَيْهَا أَمْ تَأَخَّرَا أَمْ تَوَسَّطَا كَوَقَفْتُ هَذَا عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَحْفَادِي، أَوْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ، وَالْحَاجَةُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، فَإِنْ تَخَلَّلَ الْمُتَعَاطِفَاتُ مَا ذُكِرَ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ، فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ. فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَةِ الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ، وَنَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا، نَعَمْ لَا يَدْخُلُ مُدَبَّرٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي حَالَ الْوَقْفِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ اهـ شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اجْتَمَعَا اشْتَرَكَا) أَيْ سَوِيَّةً وَالذَّكَرُ كَالْأُنْثَى، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ لَوْ وُجِدَ بَعْدُ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَالصِّفَةُ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يُفِيدُ قَيْدًا فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الصِّفَةُ النَّحْوِيَّةُ أَيْ خَاصَّةً شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (بِحَرْفِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُتَعَاطِفَاتِ.
قَوْلُهُ: (كَالْوَاوِ إلَخْ) بَقِيَ لِلْكَافِّ حَتَّى، وَقَوْلُهُ " اشْتِرَاكُهُمَا " أَيْ اشْتِرَاكُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ.
قَوْلُهُ: (أَتَقَدَّمَا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ. قَوْلُهُ: (أَمْ تَوَسَّطَا) خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَوْلَادِهِمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ: " لَا نَعْلَمُ فِيهَا نَقْلًا ": فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَعُودُ إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا، بَلْ قِيلَ: إنَّ عَوْدَهَا إلَيْهِمَا أَيْضًا أَوْلَى مِمَّا إذَا تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ، وَإِنَّمَا سَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَسِّطِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا مُتَأَخِّرَةٌ وَلِمَا بَعْدَهَا مُتَقَدِّمَةٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ عَقِبَ مَا مَرَّ: وَكُلُّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَقَدِّمًا وَمُتَأَخِّرًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا اهـ. فَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِلِاسْتِثْنَاءِ، وَهَذَا مِثَالٌ لِتَأْخِيرِهِ، وَمِثَالُ تَقْدِيمِهِ: وَقَفْت هَذَا عَلَى غَيْرِ الْغَنِيِّ مِنْ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ بِوَقَفْتُ إلَّا عَلَى مَنْ فَسَقَ مِنْ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، قَالَ م ر: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِسْقِ ارْتِكَابُ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ وَلَمْ تَغْلِبُ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَبِالْعَدَالَةِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِخَرْمِ مُرُوءَتِهِ مَثَلًا اهـ. فَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ هَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى بِنْتِهِ الْأَرْمَلَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ تَغَرَّبَتْ. مِنْ أَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي أَنْ لَا تَحْتَاجَ أَلْبَتَّةَ يَعْنِي قَطْعًا، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْمُومَةَ تَنْقَطِعُ بِالِاسْتِغْنَاءِ، وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ مَا يَشْمَلُ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ عَوْدِ الْفَقْرِ. اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ) أَيْ الْكَلَامُ الطَّوِيلُ، وَهُوَ فَاعِلٌ. قَوْلُهُ: (بِالْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ) وَهُوَ الْإِخْوَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِخْوَتِي بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِي.
قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ إلَخْ) وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ لَا قِسْمَتُهُ وَلَوْ إفْرَازًا وَلَا تَغْيِيرُهُ كَجَعْلِ الْبُسْتَانِ دَارًا، وَعَكْسُهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بِحَبْسِهَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ تَغْيِيرُهُ فِي غَيْرِهَا وَلَكِنْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيَّرُ مُسَمَّاهُ، وَأَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلُهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ، وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ؛ وَعَلَيْهِ فَفَتْحُ شُبَّاكٍ الطَّبَرَسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فِيهِ. اهـ. شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ " أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيَّرُ مُسَمَّاهُ " مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ مَطْهَرَةَ مَسْجِدِ مُجَاوِرٍ لِشَارِعٍ مِنْ شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ آلَتْ لِلسُّقُوطِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا تَعْمُرُ بِهِ فَطَلَبَ شَخْصٌ أَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ مَالِهِ بِشَرْطِ تَرْكِ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ حَامِلَةً لِلْجِدَارِ لِتَتَّسِعَ الطَّرِيقُ فَظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ انْهِدَامِهَا وَعَدَمِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute