وَالْعَقِبُ فِي مَعْنَاهُ، إلَّا إنْ قَالَ: عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْهُمْ فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِيمَا ذُكِرَ نَظَرًا لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ. هَذَا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ رَجُلًا فَإِنْ كَانَ امْرَأَةً دَخَلُوا فِيهِ بِجَعْلِ الِانْتِسَابِ فِيهَا لُغَوِيًّا لَا شَرْعِيًّا، فَالتَّقْيِيدُ فِيهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ، وَمِثَالُ الْإِدْخَالِ بِصِفَةٍ وَالْإِخْرَاجِ بِصِفَةٍ كَوَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي الْأَرَامِلِ وَأَوْلَادِي الْفُقَرَاءِ، فَلَا تَدْخُلُ الْمُتَزَوِّجَةُ وَلَا يَدْخُلُ الْغَنِيُّ، فَلَوْ عَادَتْ أَرْمَلَةً أَوْ عَادَ فَقِيرًا عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَتَسْتَحِقُّ غَيْرُ الرَّجْعِيَّةِ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا كَمَا قَالَهُ فِي الزَّوَائِدِ تَفَقُّهًا. تَتِمَّةٌ: الْمَوْلَى يَشْمَلُ الْأَعْلَى، وَهُوَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ، وَالْأَسْفَلَ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، فَلَوْ اجْتَمَعَا اشْتَرَكَا لِتَنَاوُلِ اسْمِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) أَيْ نُوحٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ الْجَلَالُ قَالَ الْخَازِنُ: وَهُوَ أَيْ الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي جَمَاعَةِ هَذِهِ الذُّرِّيَّةِ لُوطًا وَهُوَ ابْنُ أَخِي إبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِإِبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّ مَسَاقَ النَّظْمِ الْكَرِيمِ لِبَيَانِ شُؤُونِهِ الْعَظِيمَةِ مِنْ إتْيَانِ الْحُجَّةِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَهِبَةِ الْأَوْلَادِ وَإِبْقَاءِ هَذِهِ الْكَرَامَةِ فِي نَسْلِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا الْقِيلِ لُوطٌ الَّذِي هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْعَمَّ أَبًا كَمَا فِي قَوْلِهِ: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: ١٣٣] ؛ لِأَنَّ إسْمَاعِيلَ عَمُّ يَعْقُوبَ اهـ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ: وَلَمَّا كَانَ لُوطٌ ابْنَ أَخِيهِ آمَنَ بِهِ وَهَاجَرَ مَعَهُ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ اهـ قَالَ أج: وَيَدْخُلُ فِي الذُّرِّيَّةِ الْحَمْلُ وَيُصْرَفُ لَهُ زَمَنَ اجْتِنَانِهِ إلَّا فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَلَا يُصْرَفُ لَهُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَاهُ) أَيْ الذُّرِّيَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي مَعْنَاهَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ قَالَ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِكُلِّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَمَا بَعْدَهُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ) ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُنْسَبُونَ لِآبَائِهِمْ قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» فِي حَقِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُنْسَبَ أَوْلَادُ بَنَاتِهِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَالتَّقْيِيدُ فِيهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) أَيْ فَتَقْيِيدُ الْأُمِّ بِقَوْلِهَا عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْهُمْ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ؛ لِأَنَّ كُلَّ فُرُوعِهَا يُنْسَبُونَ إلَيْهَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَا لِلْإِخْرَاجِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَصْلَ اللُّغَةِ أَنْ يُنْسَبَ الْوَلَدُ إلَى مَنْ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ مَنْ وَلَدَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَمِثَالُ الْإِدْخَالِ بِصِفَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَحَدَهُمَا أَيْ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَغْنًى عَنْ الْآخَرِ فَتَأَمَّلْ ق ل. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ لَا يَسْتَحِقُّ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، م ر وَكَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى بِنْتِهِ مَا دَامَتْ عَزَبَةً فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ لِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِخْرَاجُ بِصِفَةٍ) أَيْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ بِعَيْنِهَا، عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمِثَالُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إلَّا صِفَةً وَاحِدَةً، فَالْأَرَامِلُ وَالْفُقَرَاءُ يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيَخْرُجُ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْإِخْرَاجُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ) مَحَلُّ الْعَوْدِ إذَا لَمْ يَقُلْ فِي وَقْفِهِ مَا دَامَ فَقِيرًا، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَاسْتَغْنَى وَاحِدٌ ثُمَّ افْتَقَرَ لَا يَعُودُ الِاسْتِحْقَاقُ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ مُطْلَقًا حَالَ فَقْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ الدَّيْمُومَةُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّ غَيْرُ الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةَ لَيْسَتْ أَرْمَلَةً؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ حُكْمًا؛ وَلَوْ قَالَ لَا تَدْخُلُ الرَّجْعِيَّةُ لَكَانَ وَاضِحًا ق ل بِزِيَادَةٍ، وَعِبَارَةُ أج وَتَسْتَحِقُّ غَيْرُ الرَّجْعِيَّةِ أَيْ وَهِيَ الْبَائِنُ، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا لِوُجُوبِ مُؤْنَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا وَلِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ إلَّا بِبَيْنُونَتِهَا. وَقَوْلُهُ " فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا " لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تُخَالِفُ فِيهِ الْبَائِنُ الرَّجْعِيَّةَ.
قَوْلُهُ: (الْمَوْلَى يَشْمَلُ الْأَعْلَى إلَخْ) إنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَبَيْنَ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ فِي عَدَمِ شُمُولِهِ لِلْأَسْفَلِ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَاكَ عَلَى الْأَقْرَبِيَّةِ وَالرَّحِمِ وَهُمَا فِي الْأَوْلَادِ أَقْوَى مِنْهُمَا فِي أَوْلَادِهِمْ، وَفِي هَذَا عَلَى الشَّرَفِ لِلْوَاقِفِ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَعْلَى يَكُونُ فِي الْأَسْفَلِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَسْفَلَ) فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، أَيْ بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَمَدِ لِلْبَنْدَنِيجِيِّ، لَا عَلَى الْجِهَتَيْنِ مُنَاصَفَةً