ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي، أَوْ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، أَوْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ.
وَمِثَالُ الْجَمْعِ وَالتَّرْتِيبِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا. فَتَكُونُ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ مُشْتَرَكِينَ وَبَعْدَهُمْ يَكُونُونَ مُرَتَّبِينَ، وَحَيْثُ وُجِدَ لَفْظُ التَّرْتِيبِ فَلَا يُصْرَفُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ. وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ لَا يُصْرَفُ إلَى بَطْنٍ وَهُنَاكَ مِنْ بَطْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، فَيُتَّبَعُ شَرْطُهُ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ حَقِيقَةً. وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَعَلَى النَّسْلِ وَعَلَى الْعَقِبِ وَعَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِهِمْ، أَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: ٨٤] إلَى أَنْ ذَكَرَ عِيسَى، وَلَيْسَ هُوَ إلَّا وَلَدُ الْبِنْتِ وَالنَّسْلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَوْ زَادَ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ لِاقْتِضَائِهِ التَّشْرِيكَ؛ لِأَنَّهُ لِمَزِيدِ التَّعْمِيمِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَقِيلَ: الْمَزِيدُ فِيهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لِلتَّرْتِيبِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَطْنًا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ: زِيَادَةُ مَا تَنَاسَلُوا فَقَطْ، زِيَادَةُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَطْ، زِيَادَةُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَالْخِلَافُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ دُونَ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (التَّرْتِيبِ خَاصَّةً) أَيْ بِدُونِ الْجَمْعِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) وَيَشْمَلُ ذَلِكَ جَمِيعَ الطَّبَقَاتِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ) أَيْ لِلْوَاقِفِ، وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَقْفُ تَرْتِيبٍ أَوْ تَسْوِيَةٍ صُدِّقَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ نَاظِرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَلَفُوا وَقُسِّمَ بَيْنَهُمْ ق ل وَقَوْلُهُ " وَلَوْ اخْتَلَفُوا " أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ.
قَوْلُهُ: (لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّرْتِيبِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَوْلَادِي) هَذَا هُوَ الْجَمْعُ. وَقَوْلُهُ " فَإِذَا انْقَرَضُوا " هَذَا هُوَ التَّرْتِيبُ.
قَوْلُهُ: (لَفْظُ التَّرْتِيبِ) أَيْ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ بَطْنٍ) أَيْ هُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقُولَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ " فَلَا يُصْرَفُ إلَخْ " وَقَوْلُهُ " مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ " كَأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَخَلَفَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، فَيَكُونُ مُخَصَّصًا لِمَا تُفِيدُهُ الصِّيغَةُ الْأُولَى مِنْ نَقْلِ نَصِيبِهِ إذَا مَاتَ لِبَاقِيهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَيُتْبَعُ شَرْطُهُ) فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ اخْتَصَّ بِنَصِيبِهِ وَلَدُهُ،. اهـ. رَوْضٌ مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: هَلَّا قِيلَ بِدُخُولِهِمْ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، قُلْت: شَرْطُهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ وَكَلَامُنَا هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ حُمِلَ عَلَى الْمَجَاز، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ شَارَكَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ وَلَا يَحْجُبُهُمْ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ وَلَدَ الْوَالِدِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الْأَوْلَادِ حَقِيقَةً.
قَوْلُهُ: (لَا يَقَعُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَدِ الْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ " وَعَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ " نَعَمْ إنْ قَيَّدَ بِالْهَاشِمِيِّينَ لَمْ تَدْخُلْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَّا إنْ كَانَ أَبُوهُمْ هَاشِمِيًّا ق ل.
قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَمْ يَزِدْ صُرِفَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ، وَأَمَّا أَوْلَادُ الْبُطُونِ فَفِيهِ نَظَرٌ. ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعَصْرِ أَفْتَى بِأَنَّهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ وَأَوْلَادِ الْبُطُونِ، فَعَرَضْتُ الْإِفْتَاءَ عَلَى شَيْخِنَا فَلَمْ يَرْتَضِ الْإِفْتَاءَ وَتَوَقَّفَ، ثُمَّ فَتْحَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَنْقُولِ الْمُؤَيِّدِ لِلْحَقِّ فِي عِمَادِ الرِّضَا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَقَالَ: مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ صُرِفَ نَصِيبُهُ لِمَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْمِيرَاثِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ بِنْتٍ وَابْنِ بِنْتٍ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ النِّصْفَ لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِابْنِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ الْإِفْتَاءِ وَأَنَّهُ مِنْ التَّجَرُّؤِ عَلَى دِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَأَمَّلْ أج.
قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى وَصْفِهِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةً بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ الْمَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يُرَادَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا أَفَادَ السُّبْكِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إفَادَةِ هَذَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسِ خَيْرٌ مِنْهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ اهـ.