تَنْبِيهٌ: قَدْ يُتَصَوَّرُ التَّعْرِيفُ سَنَتَيْنِ وَذَلِكَ إذَا قَصَدَ الْحِفْظَ فَعَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ قَصَدَ التَّمْلِيكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ، وَيُبَيِّنُ فِي التَّعْرِيفِ زَمَنَ وِجْدَانِ اللُّقَطَةِ، وَيَذْكُرُ نَدْبًا اللَّاقِطُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ بَعْضَ أَوْصَافِهَا فِي التَّعْرِيفِ فَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ، فَإِنْ اسْتَوْعَبَهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ إلَى مَنْ يُلْزِمُ الدَّفْعُ بِالصِّفَاتِ. وَيُعَرِّفُهَا فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ وَ (عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى وُجُودِ صَاحِبِهَا (وَ) يَجِبُ التَّعْرِيفُ (فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ) وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ فِيهِ، لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ فِي مَكَانِهِ أَكْثَرُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْمَسَاجِدُ فَيُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ التَّحْرِيمَ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَلَا يُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى كَذَلِكَ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ سَفَرًا اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِهِ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ فِيهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَفِي بَلَدٍ يَقْصِدُهَا قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ سَوَاءٌ أَقَصَدَهَا ابْتِدَاءً أَمْ لَا حَتَّى لَوْ قَصَدَ بَعْدَ قَصْدِهِ الْأَوَّلِ بَلْدَةً أُخْرَى. وَلَوْ بَلْدَتَهُ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا عَرَّفَ فِيهَا وَلَا يُكَلَّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ لَا يَعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا مُتَمَوِّلًا كَانَ أَوْ مُخْتَصًّا وَلَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يُكْثِرُ أَسَفَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَوِّلُ طَلَبَهُ لَهُ غَالِبًا إلَى أَنْ يَظُنَّ إعْرَاضَ فَاقِدِهِ عَنْهُ غَالِبًا، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكًا وَلَوْ بَعْدَ لَقْطِهِ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ لِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (قَدْ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) لَكِنَّ التَّعْرِيفَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالثَّانِيَ وَاجِبٌ م د؛ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر الْوُجُوبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ قَصَدَ التَّمَلُّكَ. قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّنُ فِي التَّعْرِيفِ) أَيْ يَذْكُرُ زَمَنَ وِجْدَانِ اللُّقَطَةِ وَمَكَانَهُ وُجُوبًا فِيهِمَا، وَمَحَلَّهُ فِي الْمَكَانِ مَا لَمْ يَكُنْ التَّعْرِيفُ وَاقِعًا فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْكَاذِبَ قَدْ يَرْفَعُ اللَّاقِطَ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُ اللَّاقِطَ دَفْعَ اللُّقَطَةِ لِمَنْ وَصَفَهَا لَهُ.
قَوْلُهُ: (إلَى مَنْ يُلْزِمُ الدَّفْعَ بِالصِّفَاتِ) أَيْ إلَى حَاكِمٍ مَذْهَبُهُ إلْزَامُ اللَّاقِطِ دَفْعَ اللُّقَطَةِ لِمَنْ وَصَفَهَا بِصِفَاتِهَا.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَاتِ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ) الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ، وَيَقُولُ: وَلْيُكْثِرْ مِنْ التَّعْرِيفِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْرِيفِ.
قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ ق ل. وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَسَائِرُ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ إلَّا النِّكَاحَ فَيُسَنُّ عَقْدُهُ فِيهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ نَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَاقِدِ فِيهِ لَا رَبَّحَ اللَّهُ تِجَارَتَك وَلِلْمُنْشِدِ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك، وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ نَحْوُ مُصَلٍّ وَلَمْ يَتَخَطَّ الرِّقَابَ وَلَمْ يَمْشِ أَمَامَ الصُّفُوفِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَا يُكْرَهُ إعْطَاؤُهُ إلَّا إنْ تَأَذَّى بِهِ النَّاسُ فَيُكْرَهُ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الْأَذَى، بَلْ لَوْ قِيلَ يَحْرُمُ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يُكْرَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ؛ اهـ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ لِلْمُنَاوِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، أَيْ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَقْصَى كَذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَيُكْرَهُ فِيهِمَا كَغَيْرِهِمَا م ر.
قَوْلُهُ: (تَبِعَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ) أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ اتِّبَاعَ الْقَافِلَةِ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَبَدًا.
قَوْلُهُ: (عَرَّفَ مِنْهَا) أَيْ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ.
قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ) أَيْ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يُظَنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: " وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ " وَمَرَاتِبُ الْحَقِيرِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ النِّصْفَ يُعَرَّفُ أَكْثَرَ مِنْ الْفَلْسِ، وَأَمَّا مَا يَعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا فَلَا يُعَرَّفُ كَزَبِيبَةٍ وَزِبْلٍ يَسِيرٍ بَلْ يَسْتَبِدُّ أَيْ يَسْتَقِلُّ بِهِ وَاجِدُهُ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ وَقَالَ: " إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُ اللَّهُ عَلَيْهِ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَحْصُلُ لِلْمُقَلِّشِينَ فَإِنْ كَانَ الْحَاصِلُ حَقِيرًا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، أَوْ غَيْرَ حَقِيرٍ وَجَبَ تَعْرِيفُهُ سَنَةً، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُقَلِّشِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ م د. وَالْمُقَلِّشُ هُوَ الَّذِي يُفَتِّشُ فِي التُّلُولِ وَغَيْرِهَا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُ الْمُكَرْبِلُونَ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ) أَيْ إنْ كَانَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ رَأَى وَلِيُّهُ تَمَلُّكَ اللُّقَطَةِ لَهُ لَمْ يَصْرِفْ مُؤْنَةَ تَعْرِيفِهَا مِنْ مَالِهِ بَلْ يَرْفَعُ