للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمُغَلَّبَ ذَلِكَ لَمَا صَحَّ الْتِقَاطُهُمَا.

(ثُمَّ إذَا أَرَادَ) الْمُلْتَقِطُ (تَمَلُّكَهَا عَرَّفَهَا سَنَةً) أَيْ مِنْ يَوْمِ التَّعْرِيفِ تَحْدِيدًا، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ غَالِبًا وَتَمْضِي فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَوْ جَعَلَ التَّعْرِيفَ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا فَكَانَ فِي السُّنَّةِ نَظَرٌ لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ مُتَّصِلَةً بَلْ تَكْفِي وَلَوْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْعَادَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ حَقِيرَةٍ، وَلَوْ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ فَيُعَرِّفُهَا أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْهِ أُسْبُوعًا ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً طَرَفَهُ أُسْبُوعًا أَوْ أُسْبُوعَيْنِ ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى. وَإِنَّمَا جَعَلَ التَّعْرِيفَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأُوَلِ أَكْثَرَ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: قِيلَ وَمُرَادُهُمْ أَنْ يُعَرِّفَ كُلَّ مُدَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَنَى وَارِثُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ

وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَالتَّعْرِيفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّهَا لَا لِنِصْفِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعِيدٌ إذْ لَوْ رَجَعَ إلَيْهَا لَقَالَ " مِنْهَا " وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِاللُّقَطَةِ فِيمَا مَرَّ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهَا أَيْ اللُّقَطَةَ فِيهَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبٌ) أَيْ تَقْدِيمُ مُرَاعَاةِ الِاكْتِسَابِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ.

قَوْلُهُ: (الْفَاسِقُ وَالذِّمِّيُّ) وَكَذَا الصَّبِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ الِاكْتِسَابُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إذَا أَرَادَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ الْتَقَطَهَا لِلْحِفْظِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا. وَعِبَارَةُ م د: " إذَا أَرَادَ تَمَلُّكَهَا " لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى مَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ عَلَى الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ يَوْمِ التَّعْرِيفِ) لَا مِنْ الِالْتِقَاطِ، فَالتَّعْرِيفُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى) أَيْ الْحِكْمَةُ فِي تَعْرِيفِهَا سَنَةً. قَوْلُهُ: (وَتَمْضِي إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ مَدْخَلِيَّةِ ذَلِكَ فِي الْحِكْمَةِ إذْ لَا دَخْلَ لِلْفُصُولِ فِي ذَلِكَ وَلَا مُنَاسَبَةَ، وَيُمْكِنُ الْمُنَاسَبَةُ بِأَنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَرَتْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ الْقَوَافِلَ كَانَتْ تُسَافِرُ كُلُّ قَافِلَةٍ مِنْهَا فِي فَصْلٍ مِنْ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ.

قَوْلُهُ: (لَامْتُنِعَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (نَظَرٌ) أَيْ رِعَايَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرِفْقٌ. قَوْلُهُ: (لِلْفَرِيقَيْنِ) أَيْ الْمَالِكِ وَالْمُلْتَقِطِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَنَةٍ، أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فِي الْقَدْرِ وَالْمَحَلِّ، فَقَوْلُهُ " فَيُعَرِّفُهَا أَوَّلًا إلَخْ " بَيَانٌ لِلْقَدْرِ، وَقَوْلُهُ " وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ " بَيَانٌ لِلْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ وَهَذَا قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ عَرَّفَهَا سَنَةً، وَمَفْهُومُهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ) بِأَنْ كَانَ اخْتِصَاصًا عَظِيمَ الْمَنْفَعَةِ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (طَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ إلَخْ) إلَى أَنْ يُتِمَّ أَسَابِيعَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ شَرْحِ م ر. قَالَ الرَّشِيدِيُّ: التَّعْبِيرُ بِيُتِمَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَى أَنْ يُتِمَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الْأُسْبُوعَانِ الْأَوَّلَانِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ كُلُّ شَهْرٍ كَذَلِكَ) أَيْ إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَالْمَرَّةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْرِيبِيَّةٌ. وَالضَّابِطُ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَرَّةَ فِي الْأَسَابِيعِ الَّتِي بَعْدَ التَّعْرِيفِ كُلُّ يَوْمٍ لَا تَدْفَعُ النِّسْيَانَ وَجَبَ مَرَّتَانِ كُلَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ مَرَّةٌ كُلَّ أُسْبُوعٍ شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ (قِيلَ إلَخْ) هَذَا فِي مُقَابَلَةِ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيّ نَقَلَ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ طَرَفَهُ فَقَطْ ثَلَاثَةً أُخْرَى ثُمَّ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فِي طَرَفِ يَوْمٍ مِنْهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً أُخْرَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ م د.

قَوْلُهُ: (كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَيَوْمًا ثُمَّ جُمُعَةً وَجُمُعَةً ثُمَّ شَهْرًا وَشَهْرًا.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ الْأَشْبَهُ) أَيْ الْمُشَابِهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا، وَيَكْفِي تَعْرِيفُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَيَكْفِي إذْنُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْ الِالْتِقَاطِ لَمْ يَسْقُطْ، وَمِثْلُهُمَا الْوَارِثُ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) حَيْثُ قَالَ: يُعَرِّفُهَا كُلُّ وَاحِدٍ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ السُّبْكِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>