للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ وَبِأَنَّ اللُّقَطَةَ يَشِيعُ أَمْرُهَا بِالتَّعْرِيفِ وَلَا تَعْرِيفَ فِي اللَّقِيطِ. وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ أَيْضًا عَلَى مَا مَعَهُ تَبَعًا وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكَهُ، فَلَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَجَازَ نَزْعُهُ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ. وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى لَاقِطٍ بِنَفْسِهِ، أَمَّا مَنْ سَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. وَاللَّقِيطُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ مَنْبُوذٌ لَا كَافِلَ لَهُ مَعْلُومٌ وَلَوْ مُمَيِّزًا لِحَاجَتِهِ إلَى التَّعَهُّدِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ اللَّاقِطُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُقَرُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يُتْرَكُ اللَّقِيطُ (إلَّا فِي يَدِ أَمِينٍ) وَهُوَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْعَدْلُ وَلَوْ مَسْتُورًا فَلَوْ لَقَطَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ كُفْرٌ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٌ أَوْ فِسْقٌ لَمْ يَصِحَّ، فَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنْهُ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، لَكِنْ لِكَافِرٍ لَقْطُ كَافِرٍ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُوَالَاةِ، فَإِنْ أَذِنَ لِرَقِيقِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ فِي لَقْطِهِ أَوْ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ اللَّاقِطُ وَرَقِيقُهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ إذْ يَدُهُ كَيَدِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِاسْتِقْلَالِهِ، فَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ اللَّاقِطُ بَلْ وَلَا هُوَ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ: الْتَقِطْ لِي فَالسَّيِّدُ هُوَ اللَّاقِطُ وَالْمُبَعَّضُ كَالرَّقِيقِ، وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ أَهْلَانِ لِلَّقْطِ عَلَى لَقِيطٍ قَبْلَ أَخْذِهِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَا آخُذُهُ عَيَّنَ الْحَاكِمُ مَنْ يَرَاهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ قُدِّمَ سَابِقٌ لِسَبْقِهِ، وَإِنْ لَقَطَاهُ مَعًا قُدِّمَ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِبَعْضِ مَالِهِ، وَعَدْلٌ بَاطِنًا عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي النِّكَاحِ) يَرْجِعُ لِلْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا هَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّسَبِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (تَبَعًا) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ إنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ اللُّقَطَةِ فَأَجَابَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ تَبَعًا لِلَّقِيطِ.

قَوْلُهُ: (وَجَازَ نَزْعُهُ) أَيْ وَجَبَ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ أَيْ مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ فَيَكُونُ الْتِقَاطًا جَدِيدًا كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ فِسْقٌ م ر.

قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ) وَهُوَ اللَّقِيطُ وَمَا مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ) لِأَنَّ هَذَا فِي الْغَالِبِ يَشْتَهِرُ أَمْرُهُ.

قَوْلُهُ: (مَنْبُوذٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ يَمْشِي. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْبُوذِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا كَافِلَ لَهُ مَعْلُومٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَافِلٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ كَافِلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ.

قَوْلُهُ: (الْعَدْلُ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ أَصَرَّ عَلَيْهَا وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ. وَذَكَرَهُ بَعْدَ الرُّشْدِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّشْدِ الْعَدَالَةُ، فَتَفْسِيرُهُ الْأَوْصَافَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَلَوْ فَسَّرَهُ بِحَقِيقَتِهِ وَهِيَ الْعَدْلُ وَذَكَرَ بَعْدَهُ الْوَصْفَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَهُمَا الْحُرُّ الرَّشِيدُ لَكَانَ أَوْلَى اهـ ق ل. وَشَمِلَ الْعَدْلُ عَدْلَ الرِّوَايَةِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ، الْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ الْبَصَرِ وَعَدَمُ نَحْوِ بَرَصٍ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَتَعَهَّدُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْحَضَانَةِ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْتَقِطُ، وَلَوْ كَانَ بِاللَّقِيطِ مَا بِالْمُلْتَقِطِ مِنْ بَرَصٍ وَجُذَامٍ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي عُيُوبِ النِّكَاحِ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّا لَوْ تَعَارَضَ الْعَمَى وَالْبَصَرُ كَأَنْ كَانَ الْبَصِيرُ لَا مَالَ لَهُ وَالْأَعْمَى لَهُ مَالٌ مَنْ الْأَوْلَى مِنْهُمَا. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْبَصِيرَ الْفَقِيرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعْمَى الْغَنِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْغَنِيِّ الْأَعْمَى عَلَى الْبَصِيرِ الْفَقِيرِ اهـ خ ض، أَيْ إذَا كَانَ الْأَعْمَى لَا يَتَعَهَّدُ بِنَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْحُرِّ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَيْسَ هُوَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ مُكَاتَبًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُبَعَّضُ) عِبَارَةُ م ر: وَلَوْ أَذِنَ لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ أَوْ كَانَتْ وَالْتَقَطَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَكَالْقِنِّ، فَإِنْ نَوَى السَّيِّدُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ فَلَا يَصِحُّ أَوْ فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ فَبَاطِلٌ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا جَانِبُ الْوِلَايَةِ وَالرَّقِيقُ وَلَوْ مُبَعَّضًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْمُغَلَّبُ فِي اللُّقَطَةِ جَانِبُ الِاكْتِسَابِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَرَاهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِهِمَا مَعًا، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ جَعْلَهُ تَحْتَ يَدِهِمَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الطِّفْلِ بِتَوَاكُلِهِمَا فِي شَأْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ ازْدَحَمَ عَلَيْهِ كَامِلٌ وَنَاقِصٌ كَصَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ اخْتَصَّ بِهِ الْبَالِغُ وَلَا يُشْرِكُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِيهِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْزِعُ النِّصْفَ مِنْ غَيْرِ الْكَامِلِ وَيَجْعَلَهُ تَحْتَ يَدِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْكَامِلِ الْمُزَاحِمِ لَهُ وَغَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: قَوْلُهُ: " أَهْلَانِ " فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ أَهْلٍ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَيَسْتَقِلُّ الْأَهْلُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>