للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْتُورٍ احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَلِلَاقِطٍ نَقْلُهُ مِنْ بَادِيَةِ الْقَرْيَةِ وَمِنْهُمَا لِبَلَدٍ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ لَا نَقْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ لِبَادِيَةٍ أَوْ مِنْ بَلَدٍ لِقَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ لِخُشُونَةِ عَيْشِهِمَا وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهِمَا. نَعَمْ لَوْ نَقَلَهُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ لِبَادِيَةٍ قَرِيبَةٍ يَسْهُلُ الْمُرَادُ مِنْهَا، جَازَ عَلَى النَّصِّ. وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: وَلَهُ نَقْلُهُ مِنْ بَادِيَةٍ وَقَرْيَةٍ وَبَلَدٍ لِمِثْلِهِ

(فَإِنْ) (وُجِدَ مَعَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (مَالٌ) عَامٌّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ أَوْ خَاصٌّ كَثِيَابٍ عَلَيْهِ أَوْ مَلْبُوسَةٍ لَهُ أَوْ مُغَطًّى بِهَا أَوْ تَحْتَهُ مَفْرُوشَةً وَدَنَانِيرَ عَلَيْهِ أَوْ تَحْتَهُ وَلَوْ مَنْثُورَةً، وَدَارٍ هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ وَحِصَّتُهُ مِنْهَا إنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَحِصَّةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ أَخْذِهِمَا لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ وَتَشَاحَّا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " اسْتَوَيَا " أَيْ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْغِنَى بِغِنَى الزَّكَاةِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْفَقِيرِ، وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى غَنِيٍّ بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، نَعَمْ يُقَدَّمُ جَوَّادٌ عَلَى بَخِيلٍ.

قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) إذْ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ، وَلَيْسَ لِمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ تَرْكُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ، وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فِي كَافِرٍ وَلَا رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَإِنْ كَانَتْ أَصْبَرَ عَلَى التَّرْبِيَةِ مِنْهُ، إلَّا مُرْضِعَةٌ فِي رَضِيعٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمَا الْبَلَدُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ مِنْ مَحَلٍّ لِمِثْلِهِ أَوْ أَعْلَى لَا دُونَهُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ إذَا أَمِنَ الطَّرِيقَ وَالْمَقْصِدَ وَتَوَاصَلَتْ الْأَخْبَارُ وَاخْتُبِرَتْ أَمَانَةُ اللَّاقِطِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَلَا فَرْقَ فِي النَّقْلِ بَيْنَ كَوْنِهِ لِلسُّكْنَى أَوْ غَيْرِهَا كَقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ بِهِ لِلنُّقْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ م ر اهـ. قَوْلُهُ: (لَا نَقْلَهُ مِنْ قَرْيَةٍ لِبَادِيَةٍ) الْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ، فَإِنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ أَوْ كَبُرَتْ فَبَلْدَةٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ أَوْ خِصْبٍ فَرِيفٌ، وَقِيلَ: الْمَدِينَةُ مَا فِيهَا حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ وَشُرَطِيٌّ وَسُوقٌ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْبَلَدُ مَا فِيهَا بَعْضُ ذَلِكَ وَالْقَرْيَةُ مَا خَلَتْ عَنْ الْجَمِيعِ وَالْبَادِيَةُ خِلَافُ الْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (لِخُشُونَةِ عَيْشِهِمَا) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلَّقِيطِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا مُطَاوَعَتُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ خَشِنَ الْعَيْشِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ وَيُمْكِنُهَا إبْدَالُهَا، كَذَا رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ الْعَزِيزِيِّ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالتَّفْتِيشِ فَاحْفَظْهُ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَعَهُ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ الْخَاصِّ إلَخْ، فَسَرَى لِلشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْهُمَا وَيُمْكِنُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ " مَعَ " فِي قَوْلِهِ " مَعَهُ " بِمَعْنَى اللَّامِ، أَيْ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ مِلْكًا أَوْ اسْتِحْقَاقًا اهـ قَالَ الزِّيَادِيُّ: لَا يُقَالُ كَيْفَ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِمْ، لِأَنَّا نَقُولُ الْجِهَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَحَقُّقُ الْوُجُودِ بَلْ يَكْفِي إمْكَانُهُ؛ قَالَ سم: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ اللُّقَطَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ حِينَ الْإِنْفَاقِ كَانَ لَقِيطًا فَيَصْرِفُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَقْفِ، وَلَوْ وُجِدَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَهَلْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ لَا؟ قَالَ السُّبْكِيُّ: فِيهِ احْتِمَالَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي لِأَنَّ فَقْرَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَعَلَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ إلَى مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ تَحَقُّقُهُ بَلْ يَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ خَاصٍّ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ حُمِلَتْ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ شَرْحُ م ر. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ إمَّا مِنْ مَالِهِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا الْمُقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ الْعَامِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِالْحَاجَةِ كَوَقَفْتُ عَلَى اللُّقَطَاءِ الْمُحْتَاجِينَ وَإِلَّا فَيُقَدِّمُ الْخَاصَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي س ل. قَوْلُهُ: (كَثِيَابٍ عَلَيْهِ) وَالْمُرَادُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ بِكَوْنِ مَا ذَكَرَ لَهُ صَلَاحِيَتُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ وَدَفْعُ الْمُنَازِعِ لَهُ لَا أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ مِلْكُهُ شَرْحُ م ر. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدٌ بِبَيِّنَةٍ سُلِّمَ لِلْمُدَّعِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَلْبُوسَةٍ) أَوْ دَابَّةٍ زِمَامُهَا بِيَدِهِ أَوْ مَرْبُوطٍ بِنَحْوِ وَسَطِهِ أَوْ رَاكِبٍ عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا تَابِعٌ لَهَا.

قَوْلُهُ: (وَدَارٍ هُوَ فِيهَا وَحْدَهُ) أَيْ لَا تُعْلَمُ لِغَيْرِهِ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ خَيْمَةٍ كَذَلِكَ، وَكَذَا قَرْيَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لَكِنْ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، أَيْ إنْ كَانَتْ الْيَدُ غَيْرَ صَالِحَةٍ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>