للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا عَلَفَهَا مِنْهُ وَإِلَّا رَاجَعَهُ أَوْ وَكِيلَهُ لِيَعْلِفَهَا أَوْ يَسْتَرِدَّهَا، فَإِنْ فَقَدَهُمَا رَاجَعَ الْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يُؤَجِّرَهَا أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا فِي عَلَفِهَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ.

وَكَأَنْ تَلِفَتْ بِمُخَالَفَةِ حِفْظٍ مَأْمُورٍ بِهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ الَّذِي فِيهِ الْوَدِيعَةُ فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِانْكِسَارِهِ، لَا إنْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ كَسَرِقَةٍ فَلَا يَضْمَنُ، وَلَا إنْ نَهَاهُ عَنْ قُفْلَيْنِ فَأَقْفَلَهُمَا لِأَنَّ رُقَادَهُ وَقَفْلَهُ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْحِفْظِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي وَهُوَ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ: (وَقَوْلُ الْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (مَقْبُولٌ فِي رَدِّهَا عَلَى الْمُودِعِ) بِكَسْرِهَا بِيَمِينِهِ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ دَفْعِهَا لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعَدَّى نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي دِينَارٍ وَقَعَ بِمِحْبَرَةٍ أَوْ فَصِيلٍ بِبَيْتٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِكَسْرِهَا أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ وَيُهْدَمُ بِالْأَرْشِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ مَالِكُ الظَّرْفِ وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ اَ هـ م ر. وَقَوْلُهُ: " أَوْ هَدْمِهِ " يُكْسَرُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ: إنْ هَدَمْت الْبَيْتَ وَكَسَرْت الدَّوَاةَ غَرِمْت الْأَرْشَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إتْلَافُ مَالِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ يَعْصِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ) نَعَمْ إنْ كَانَ لِعِلَّةٍ بِهَا تَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الْإِطْعَامِ كَقُولَنْجَ بِرَقِيقٍ فَلَا حُرْمَةَ، وَإِذَا أَطْعَمَهُ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فَمَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ عَلِمَ بِهَا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ) فَإِنْ عَجَزَ الْقَاضِي بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ اقْتِرَاضٌ وَلَا إجَارَةٌ بَاعَ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَاَلَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهَا مِنْ التَّعْيِيبِ لَا الَّذِي يُسَمِّنُهَا، وَلَوْ كَانَتْ سَمِينَةً عِنْدَ الْإِيدَاعِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَلْفُهَا بِمَا يَحْفَظُ نَقْصَهَا عَنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا. وَلَوْ فَقَدْ الْحَاكِمُ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ فِي الْأَوْجَهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مَنْ يُسَرِّحُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَيْ الْوَدِيعِ نَحْوُ الْبَيْعِ أَوْ الْإِيجَارِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ كَالْحَاكِمِ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا إلَّا بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: رَاجَعَ الْقَاضِي فَإِنْ فَقَدَهُ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَوَى الرُّجُوعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الرُّجُوعِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُؤَجِّرُهَا إلَخْ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا فِي عَلْفِهَا) أَيْ إنْ رَأَى مَنْ يَشْتَرِيهِ وَلَمْ تَسْتَغْرِقْ نَفْسَهَا بِأَنْ رَجَا حُضُورَ مَالِكِهَا عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا بَاعَهَا كُلَّهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى الصُّنْدُوقِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُفْتَحُ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالرُّقَادِ أَمَامَهُ فَرَقَدَ فَوْقَهُ فَسُرِقَ مِنْ أَمَامِهِ ضَمِنَهُ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ) أَيْ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّاقِدَ ثَقِيلٌ وَأَنَّ خَشَبَ الصُّنْدُوقِ رَقِيقٌ جِدًّا وَأَنَّ الصُّنْدُوقَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نَحْوِ زُجَاجٍ مِمَّا يَنْكَسِرُ بِالثِّقَلِ الْمَذْكُورِ اهـ. خ ض.

قَوْلُهُ: (وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِانْكِسَارِهِ) أَيْ فَيَضْمَنُ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَتْلَفْ سم.

قَوْلُهُ: (وَلَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ قَفْلٍ فَأَقْفَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ لِأَنَّ فِيهِ إغْرَاءَ السَّارِقِ عَلَى السَّرِقَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَأَقْفَلَهُمَا) فَلَوْ لَمْ يُقْفِلْ عَلَيْهِ أَصْلًا هَلْ يَضْمَنُ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ الْقَفْلُ مَأْمُورًا بِهِ أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّدُّ) أَيْ حُكْمُ الرَّدِّ، وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْمُودِعِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الْمُودَعِ) قَيْدٌ أَوَّلُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُودِعِ قَيْدٌ ثَانٍ، وَقَدْ أَخَذَ الشَّارِحُ مُحْتَرَزًا عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ.

قَوْلُهُ: (فِي رَدِّهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى التَّخْلِيَةَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّخْلِيَةَ، فَلَوْ قَالَ: خَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَأَخَذَهَا قُبِلَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ رَدَدْتهَا عَلَى الْمَالِكِ بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي؛ هَكَذَا فِي حَوَاشِي الْبَكْرِيّ عَلَى الرَّوْضَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَقْبُولٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ سم: وَإِنْ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ مَعَ وَارِثِهِ بِأَنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا لِمَالِكِهَا فَأَنْكَرَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْيَمِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَانْدَفَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِيَمِينِهِ اهـ. وَسُئِلَ م ر عَمَّنْ دَفَعَ لِآخَرَ مَبْلَغًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ هَلْ هُوَ قَرْضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ ثُمَّ إنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ فَأُجَاب بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ الْمُدَّعِي الْقَرْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>