للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِي كُلِّ أَمِينٍ كَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ وَجَابٍ فِي رَدِّ مَا جَبَاهُ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَضَابِطُ الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الرَّدِّ هُوَ كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، إلَّا الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا لَا يَصْدُقَانِ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُمَا أَخَذَا الْعَيْنَ لِغَرَضِ أَنْفُسِهِمَا، فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَوَارِثِ الْمَالِكِ، أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ رَدَّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ أَوْدَعَ الْمُودِعُ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدّ عَلَى الْمَالِكِ، طُولِبَ كُلٌّ مِمَّنْ ذَكَرَ بِبَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الرَّدِّ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ.

(وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (أَنْ يَحْفَظَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ لِمَالِكِهِ أَوْ وَارِثِهِ (فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) فَإِنْ أَخَّرَ إحْرَازَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ أَوْ دَلَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِيَمِينِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ رَدِّهِ عَلَيْهِ اهـ. وَالْحُكْمُ بِأَنَّهُ قَرْضٌ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ بَعِيدٌ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ) خَرَجَ بِهِ رَدُّهُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَعَلَى الْوَاقِفِ الَّذِي لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّ مَا جَبَاهُ عَلَيْهِمْ أَيْ دَفَعَهُ لَهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَأْجِرُ) بِخِلَافِ الْأَجِيرِ لِلْخِيَاطَةِ أَوْ لِلصَّبْغِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ عَلَى الْمَالِكِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ فِي الرَّدِّ) وَإِنْ صُدِّقَا فِي التَّلَفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، بَلْ التَّصْدِيقُ فِي التَّلَفِ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَمِينِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ كَالْغَاصِبِ لَكِنَّهُ يَغْرَمُ الْبَدَلَ اهـ سم.

وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ وَلَوْ غَاصِبًا وَمَنْ ادَّعَى الرَّدَّ، فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَامِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَذَلِكَ أَوْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَهُوَ ضَابِطٌ حَسَنٌ فَاحْفَظْهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ) مُحْتَرَزُ الثَّانِي.

وَقَوْلُهُ: " أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ " مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) هُوَ الرَّدُّ عَلَى وَارِثِ الْمَالِكِ وَوَارِثُ الْمُودَعِ وَالْأَمِينِ.

وَقَوْلُهُ: " عَلَى مَنْ ذُكِرَ " هُوَ وَارِثُ الْمَالِكِ فِي الْأُولَى وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهَا) هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرَهُ بَلْ مِنْ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَمَانَةُ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَقَوْلُ الْمُودِعِ إلَخْ ". قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ إحْرَازَهَا) التَّأْخِيرُ لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضَعْهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا ضَمِنَ سَوَاءٌ أَخَّرَ أَوْ لَمْ يُؤَخِّرْ وَكَانَ الْأَوْضَحُ، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا إلَخْ. وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ فِي تَأْخِيرِ إحْرَازِهَا مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا آخِرَ النَّهَارِ وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا، بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ احْمِلْهَا إلَى بَيْتِك لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ، فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِعَادَتِهِ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِقَبُولِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ خَسِيسَةً أَمْ لَا اهـ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ دَرَاهِمَ فِي سُوقٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ كَيْفِيَّةَ حِفْظِهَا فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ حَفِظَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ بِلَا رَبْطٍ فِي كُمِّهِ وَأَخَذَهَا غَاصِبٌ لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ ضَاعَتْ فِي غَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ ضَمِنَ وَلَوْ نَامَ وَمَعَهُ الْوَدِيعَةُ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ فِي مَحَلٍّ حِرْزٍ لَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ. اهـ. شَرْحُ م ر. وَلَوْ قَالَ لَهُ: ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ، فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا مُدَّةً فَتَلِفَتْ فَإِنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ، أَوْ بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا، وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلًا مِنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إنْ كَانَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، أَوْ رَبَطَهَا فِي كُمِّهِ بَدَلًا مِنْ جَعْلِهَا فِي جَيْبِهِ ضَمِنَ إلَّا إنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ مَعَ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَا إذَا رَبَطَهَا بَيْنَ عَضُدِهِ وَجَنْبِهِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بَيْنَ ثِيَابِهِ أَحْرَزَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ امْتَثَلَ قَوْلَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك فَإِنْ جَعَلَ الْخَيْطَ خَارِجًا فَضَاعَتْ بِأَخْذِ طَرَّارٍ أَيْ شُرْطِيٍّ ضَمِنَ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ فَلَا، وَإِنْ جَعَلَهُ دَاخِلًا فَضَاعَتْ بِاسْتِرْسَالٍ ضَمِنَ أَوْ بِأَخْذِ طَرَّارٍ فَلَا. هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيْتِهِ، فَإِنْ رَجَعَ لِبَيْتِهِ لَزِمَهُ إحْرَازُهَا فِيهِ وَلَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ حِرْزًا لَهَا حِينَئِذٍ لِأَنَّ بَيْتَهُ أَحْرَزُ اهـ سم. وَقَوْلُهُ: " إلَّا إنْ كَانَ الْجَيْبُ وَاسِعًا " أَفَادَ بِهِ أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>