عَلَيْهَا سَارِقًا بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ مَكَانَهَا وَضَاعَتْ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ دَلَّ عَلَيْهَا مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ مَوْضِعَهَا فَضَاعَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلْحِفْظِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَ بِهَا غَيْرَهُ.
فَلَوْ أَكْرَهَ الْوَدِيعَ ظَالِمٌ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْوَدِيعِ لِتَسْلِيمِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ إنْكَارُ الْوَدِيعَةِ مِنْ ظَالِمٍ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ إعْلَامِهِ بِهَا جُهْدَهُ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَمِنَ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ حِفْظِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ رَقِيقًا وَالظَّالِمُ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ الْفُجُورَ بِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يُوَرِّيَ فِي يَمِينِهِ إذَا حَلَفَ وَأَمْكَنَهُ التَّوْرِيَةُ وَكَانَ يَعْرِفُهَا لِئَلَّا يَحْلِفَ كَاذِبًا، فَإِنْ لَمْ يُوَرِّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا. فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مُكْرَهًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ فَحَلَفَ حَنِثَ لِأَنَّهُ فَدَى الْوَدِيعَةَ بِزَوْجَتِهِ أَوْ رَقِيقِهِ، إنْ اعْتَرَفَ بِهَا وَسَلَّمَهَا ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْجَيْبُ ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا مَزْرُورًا. وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ جَعَلَ الْخَيْطَ خَارِجًا " هَذَا إنْ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ فَقَطْ أَوْ جَعَلَهَا فِي الْأَعْلَى، أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي الثَّوْبِ الْأَسْفَلِ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ بِأَخْذِ طَرَّارٍ لِأَنَّ فِي الرَّبْطِ خَارِجًا إغْرَاءُ الطَّرَّارِ عَلَيْهَا لِسُهُولَةِ الْقَطْعِ أَوْ الْحَلِّ، عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ. اهـ. حَجّ زي. وَقَوْلُهُ: " أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ فَلَا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ ثَقِيلَةً، أَيْ بِأَنْ يُحِسَّ بِهَا إذَا وَقَعَتْ وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إحْكَامِ الرَّبْطِ بِخِلَافِ الثَّقِيلَةِ. اهـ. ح ل. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ أَرَادَ وَضْعَهَا فِي الْجَيْبِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ الثِّيَابِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ الْجَيْبُ مَثْقُوبًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ فَسَقَطَتْ الدَّرَاهِمُ ضَمِنَهَا فِي سم؛ وَلَا فَرْقَ فِي الْجَيْبِ بَيْنَ الَّذِي فِي فَتْحَةِ الْقَمِيصِ وَاَلَّذِي بِجَانِبِهِ أَيْ إنْ غَطَّى بِثَوْبٍ فَوْقَهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ دَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا بِخِلَافِهِ هُوَ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ. لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي تَرْكِ الْعَلَفِ وَتَأْخِيرِ الذَّهَابِ لِلْبَيْتِ عُدْوَانًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَيْنِك سَبَبٌ فِيهِ لِإِذْهَابِ عَيْنِهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ هُنَا فَلَمْ تَدْخُلْ بِهَا فِي ضَمَانِهِ س ل. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. قَالَ ع ش عَلَيْهِ: قَوْلُهُ " لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ " وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْخَوْفِ، لِأَنَّ إخْرَاجَ الدَّابَّةِ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا نَفْسِهَا فَاقْتَضَتْ الضَّمَانَ، بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا تُعَدُّ جِنَايَةً عَلَيْهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) أَيْ يَطْمَعُ فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ السَّارِقِ وَالْمُصَادِرِ، وَقِيلَ: أُفْرِدَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِهَا مِنْ الْعِلْمِ وَغَيْرُهُ فَاعِلٌ وَهِيَ أَوْلَى، وَمَعْنَاهَا أَنَّ غَيْرَ الْوَدِيعِ عَلِمَ بِهَا مِنْ غَيْرِ إعْلَامِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فَافْهَمْ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ) أَوْ إلَى شَخْصٍ آخَرَ. وَاحْتَرَزَ بِسَلَّمَهَا إلَيْهِ عَمَّا لَوْ أَخَذَهَا بِنَفْسِهِ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الظَّالِمِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ إنْكَارُ الْوَدِيعَةِ مِنْ ظَالِمٍ) هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْكَذِبُ، فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ حَرَامٌ؛ وَقَدْ يَجُوزُ كَالزَّوْجَةِ حِفْظًا لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا وَكَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيَلْزَمُ الْوَدِيعَ دَفْعُ الظَّالِمِ بِمَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْحَلِفِ جَازَ وَكَفَّرَ إنْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى دُونَ الطَّلَاقِ، نَعَمْ يَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبُ إنْ كَانَ حَيَوَانًا يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ قِنًّا يُرِيدُ الْفُجُورَ بِهِ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْحَلِفِ فَقَطْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِي حَلِفِهِ بِأَحَدِهِمَا اخْتِيَارًا لَهُ فَحَنِثَ إذْ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ مَاهِيَّةِ الْحَلِفِ وَالْمَاهِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوجَدُ إلَّا فِي ضِمْنِ جُزْئِيَّاتِ الْحَلِفِ فَفَرْدٌ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ لَيْسَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَالِامْتِنَاعُ) بِالرَّفْعِ أَيْ وَيَجِبُ الِامْتِنَاعُ، وَقَوْلُهُ: " مِنْ إعْلَامِهِ " بِهَا أَيْ بِمَحِلِّهَا شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْإِنْكَارِ وَالِامْتِنَاعِ بِأَنْ يَقُولَ: " وَاَللَّهِ إنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُوَرِّي) بِأَنْ يَقْصِدَ غَيْرَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَعْرِفُهَا) أَيْ التَّوْرِيَةَ وَهِيَ قَصْدُ مَجَازٍ هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي قَمِيصٌ أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ رُجُوعٌ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (مُكْرَهًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ، فَقَوْلُهُ: " أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى أَحَدِ