للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَى زَوْجَتَهُ أَوْ رَقِيقَهُ بِهَا، وَلَوْ أَعْلَمَ اللُّصُوصَ بِمَكَانِهَا فَضَاعَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلْحِفْظِ لَا إنْ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَكَانِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ

(وَإِذَا طُولِبَ) أَيْ طَلَبَ الْمَالِكُ أَوْ وَارِثَهُ الْوَدِيعَ أَوْ وَارِثَهُ (بِهَا) أَيْ بِرَدِّهَا (لَمْ يُخْرِجْهَا) أَيْ لَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا) وَقْتَ طَلَبِهَا (حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَهَا) بِبَدَلِهَا مِنْ مِثْلٍ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، أَوْ قِيمَةٍ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِرَدِّ الْوَدِيعَةِ حَمْلَهَا إلَى مَالِكِهَا، بَلْ يَحْصُلُ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمَالِكَ الْإِشْهَادَ وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبهَا وَكِيلُ الْمُودِعِ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لِمَالِكِهَا: خُذْ وَدِيعَتَك. لَزِمَهُ أَخْذُهَا كَمَا فِي الْبَيَانِ، وَعَلَى الْمَالِكِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ فِي جُنْحِ لَيْلٍ الْوَدِيعَةُ فِي خِزَانَةٍ لَا يَتَأَتَّى فَتْحُ بَابِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِصَلَاةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ بِأَكْلِ طَعَامٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْحَلِفِ أَوْ الِاعْتِرَافِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا حَقِيقَةً.

قَوْلُهُ: (حَنِثَ) أَيْ لِفَقْدِ شُرُوطِ الْإِكْرَاهِ إذْ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا إكْرَاهٌ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا وَالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ قَوْلُ: (وَسَلَّمَهَا) قَيْدٌ مُضِرٌّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ق ل، أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ كَافٍ فِي تَضْمِينِهِ. وَبِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ: تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ ضَمِنَ وَلَوْ مُكْرَهًا لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إكْرَاهِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَا إثْمَ فِيهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا فَلَا ضَمَانَ فَتَأَمَّلْ م ر. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْلَمُ اللُّصُوصَ) هَذَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ أَعَادَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ) أَيْ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ سَكْرَانًا إلْحَاقًا لَهُ بِالْمُكَلَّفِ. أَمَّا مَالِكٌ حُجِرَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ فَلَا يُرَدُّ إلَّا لِوَلِيِّهِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالرَّدِّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يَرُدَّهَا) لَوْ قَالَ: أَيْ لَمْ يُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَكَانَ مُسْتَقِيمًا؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ. وَلَعَلَّهُ رَاعَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِبَيَانِهِ بَعْدَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهَا) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِبَقَاءِ الْيَدِ، وَهُوَ ضَمَانُ غَصْبٍ فِي هَذِهِ وَفِي صُوَرِ التَّعَدِّي كُلِّهَا، فَيَضْمَنُ الْوَدِيعُ ضَمَانَ الْغَصْبِ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَحْصُلُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُخَلِّي بَيْنَهُ) أَيْ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ نَحْوَ خَاتِمٍ أَمَانَةً لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَمَرَهُ بِرَدِّهِ بَعْدَ قَضَائِهَا فَتَرَكَهُ فِي حِرْزِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (فَتَرَكَهُ) أَيْ مَنْ أَخَذَهُ. وَقَوْلُهُ: " فِي حِرْزِهِ " أَيْ الْخَاتِمِ، أَيْ حِرْزِ مِثْلِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُلْزِمَ الْمَالِكَ الْإِشْهَادَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَيْ لِلْوَدِيعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمَالِكَ بِتَأْخِيرِ أَخْذِهَا حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ ق ل. بِأَنْ يَقُولَ: لَا تَأْخُذْهَا إلَّا إنْ أَشْهَدْت عَلَى أَخْذِهَا مِنِّي.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ إلَخْ) الْغَايَةُ فِيهِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَقَوْلُ الْمُودِعِ إلَخْ، لِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ؛ قَالَ فِي الْمِيزَانِ: قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: إنَّهُ إذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُودِعَ ائْتَمَنَهُ أَوَّلًا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْخِيَانَةُ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْمَنَهُ فَيَدَّعِيَ الرَّدَّ كَذِبًا وَقِلَّةَ دِينٍ اهـ. قَوْلُهُ: (وَكِيلُ الْمُودِعِ) . بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالْإِشْهَادِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ) هَذَا مِنْ الْحُكْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْجَوَازُ، فَلَوْ أَخَّرَهُ إلَى قَوْلِهِ الْآتِي الثَّالِثُ الْجَوَازُ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فِي جُنْحِ لَيْلٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ ظُلْمَتِهِ وَاخْتِلَاطِهِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (بِصَلَاةٍ) عِبَارَةُ م ر.

بِخِلَافِهِ لِنَحْوِ طُهْرٍ وَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهِيَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَمُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ وَإِحْرَامٍ يَطُولُ زَمَنُهُ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ أَمِينٍ يَرُدُّهَا إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَعَثَ لِلْحَاكِمِ لِيَرُدَّهَا، فَإِنْ تَرَكَ أَحَدَ هَذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَمِنَ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>