للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنْزِيلِ، وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ: وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْهُمْ إلَى الْمَيِّتِ.

فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا وَعَلَى الثَّانِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ لِقُرْبِهَا إلَى الْمَيِّتِ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. أَنَّهُ إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ

الْمَصَالِحِ

فَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَارِفَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَنْ يُحْجَبُ وَمَنْ لَا يُحْجَبُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ) أَيْ الَّذِي (لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ) أَيْ الَّذِي لَا يُحْجَبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ، وَالْحَجْبُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَنْعُ وَشَرْعًا مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ.

وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ حَجْبَ حِرْمَانٍ وَالثَّانِي حَجْبَ نُقْصَانٍ، فَالثَّانِي كَحَجْبِ الْوَلَدِ الزَّوْجَ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَكُونُ مُسْتَغْرَقًا وَالْفُرُوضُ الْمُسْتَغْرَقَةُ كَزَوْجٍ وَأَمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ الْجِنْسُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ مُسْتَغْرَقٌ وَلَوْ بِالرَّدِّ.

قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ) فَيُجْعَلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ كَأُمِّهِمَا وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّةُ كَالْأَبِ، وَإِذَا نَزَّلْنَا كُلًّا كَمَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْمَيِّتِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّرَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ ثُمَّ يُجْعَلُ نَصِيبُ كُلٍّ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَسَبِ إرْثِهِ مِنْهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ وَالْأَخْوَالَ وَالْخَالَاتِ مِنْهَا فَبِالسَّوِيَّةِ شَرْحُ م ر.

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ: " مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ " أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِرْثُ فَيَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا. وَخَرَجَ بِالْإِرْثِ الْحَجْبُ، فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ لِأَنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ لَا تَحْجُبُ الزَّوْجَةَ وَإِنْ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَحْجُبُهَا مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ إلَّا الْفَرْعُ الْوَارِثُ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ كَمَا قَالَهُ الَأُجْهُورِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ، وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنٍ مَنْزِلَةَ بِنْتِ الِابْنِ، فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَمَسْأَلَتُهُمَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ وَاحِدٌ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَمَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةٌ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ اثْنَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ فَرْضَيْهِمَا أَرْبَاعًا لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ رُبُعُهُمَا وَهُوَ نِصْفٌ لِأَنَّ نِسْبَةَ نَصِيبِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْأَرْبَعَةِ رُبْعٌ وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ فَحَصَلَ الْكَسْرُ عَلَى مَخْرَجِ النِّصْفِ فَيُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ سِتَّةٌ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ لِبِنْتِ الْبِنْتِ نِصْفُهَا سِتَّةٌ وَلِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ اثْنَانِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ يُرَدُّ عَلَى بِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ وَاحِدٌ لِأَنَّ نِسْبَةَ نَصِيبِهَا وَهُوَ اثْنَانِ إلَى مَجْمُوعِ الثَّمَانِيَةِ رُبُعٌ فَيَكُونُ لَهَا رُبُعُ الْبَاقِي وَيُرَدُّ عَلَى بِنْتِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ نِسْبَةَ نَصِيبِهَا وَهُوَ سِتَّةٌ إلَى الثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ مَعَهَا تِسْعَةٌ وَبَيْنَ الْأَنْصِبَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ تُوَافِقُ بِالثُّلُثِ فَيَرْجِعُ كُلُّ نَصِيبٍ إلَى ثُلُثِهِ فَتَرْجِعُ التِّسْعَةُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَالثَّلَاثَةُ إلَى وَاحِدٍ وَالْمَسْأَلَةُ إلَى ثُلُثِهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " أَرْبَاعًا "، أَوْ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَتُجْعَلُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ فَرْضًا وَرَدًّا وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَاحِدٌ فَرْضًا وَرَدًّا فَمَا كَانَ لِلْبِنْتِ يُجْعَلُ لِبِنْتِهَا وَمَا كَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ وَهُوَ وَاحِدٌ يُجْعَلُ لِبِنْتِهَا. وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ فَالْمَالُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (وَصَرَفَهُ فِيهَا) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ صَرْفُهُ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ، بَلْ لَوْ رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي صَرْفِهِ فِي مَحَلَّةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ مَحَلَّتِهِ وَجَبَ نَقْلُهُ إلَيْهَا. قَالَ سم: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُهُ، وَهَلْ هُوَ مِقْدَارُ حَاجَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ أَوْ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ؟ حُرِّرَ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ اهـ. {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: ٨] اُسْتُحِبَّ دَفْعُ شَيْءٍ لَهُمْ وَلَا يَجِبُ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا يُدْفَعُ شَيْءٌ مِنْ نَصِيبِ قَاصِرٍ اهـ مُنَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ) وَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهُ إلَى أَنْ يَتَوَلَّى سُلْطَانٌ عَادِلٌ.

قَوْلُهُ: (بِحَالٍ) أَيْ بِالشَّخْصِ وَقَوْلُهُ حَجْبُ حِرْمَانٍ أَيْ بِالشَّخْصِ.

قَوْلُهُ: (مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ) أَيْ مِنْ الْإِرْثِ فَمَنْعُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (حَجْبَ حِرْمَانٍ) وَهُوَ بِالْوَصْفِ يَدْخُلُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَبِالشَّخْصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>