للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِيرَاثِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُسْتَعْجَلَ بِالْقَتْلِ فَاقْتَضَتْ

الْمَصْلَحَةُ

حِرْمَانَهُ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ قَطْعُ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ سَبَبُ الْإِرْثِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَمْ غَيْرَهُ، مَضْمُونًا أَمْ لَا، بِمُبَاشَرَةٍ أَمْ لَا، قَصَدَ مَصْلَحَتَهُ كَضَرْبِ الْأَبِ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ الْمُعَلِّمِ أَمْ لَا؛ مُكْرَهًا أَمْ لَا فَكُلُّ ذَلِكَ تَنَاوَلَهُ إطْلَاقُهُ

(وَ) السَّادِسُ (الْمُرْتَدُّ) وَنَحْوُهُ كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ فَلَا يَرِثُ أَحَدًا إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ تَرَكَ دِينًا كَانَ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَرُّ عَلَى دَيْنِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَوْ عَادَ بَعْدَهُ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا، وَأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ تَبَيَّنَ إرْثُهُ غَلَّطَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُهُ السُّبْكِيُّ فِي الِابْتِهَاجِ.

وَقَالَ إنَّهُ فِيهِ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ.

تَنْبِيهٌ: تَنَاوَلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْمُعْلَنَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَمَا لَا يَرِثُ الْمُرْتَدُّ لَا يُوَرَّثُ لِمَا مَرَّ لَكِنْ لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ سِرَايَةً وَجَبَ قَوَدُ الطَّرَفِ وَيَسْتَوْفِيهِ مَنْ كَانَ وَارِثَهُ لَوْلَا الرِّدَّةَ، وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ.

(وَ) السَّابِعُ (أَهْلُ مِلَّتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ كَمِلَّتَيْ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا. وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ؛ وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ. فَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

زَوْجَتُهُ فَمَاتَتْ أَنَّهُ يَرِثُهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي أَكْلِ الْحَيَّةِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا أَحْبَلَ زَوْجَتَهُ وَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مَوْتِهَا وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ سَبَبًا فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَحِكْمَتُهُ خَوْفُ الِاسْتِعْجَالِ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِالْقَتْلِ فِي الْأَصْلِ. وَمِنْ كَلَامِ الْبُلَغَاءِ: مَنْ اسْتَعْجَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، أَيْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَسْتَعْجِلَ) أَيْ الْإِرْثَ.

قَوْلُهُ: (بِمُبَاشَرَةٍ أَمْ لَا) كَسَبَبٍ وَشَرْطٍ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ فِي الشَّرْطِ ز ي.

قَوْلُهُ: (قَصَدَ مَصْلَحَتَهُ) أَيْ الْقَاتِلُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ لِلْمَقْتُولِ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: قَصَدَ بِهِ مَصْلَحَتَهُ، فَالضَّمِيرُ فِي " بِهِ " رَاجِعٌ لِلْقَتْلِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ قَصَدَ بِالْقَتْلِ أَيْ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الضَّرْبُ مَصْلَحَتَهُ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) كَالْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ لِدِينٍ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ تَقْيِيدِهِ) أَيْ تَقْيِيدِ عَدَمِ إرْثِ الْمُرْتَدِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إنَّهُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّقْيِيدِ.

قَوْلُهُ: (خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ.

قَوْلُهُ: (الْمُعْلَنَ) أَيْ بِالرِّدَّةِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ وَمَالُهُ فَيْءٌ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ م د.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ قَوَدُ الطَّرَفِ) لِاحْتِرَامِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ، فَلَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَدْفَعْ لِوَارِثِهِ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَيَسْتَوْفِيهِ أَيْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (وَأَهْلُ مِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) أَيْ حَالَ الْمَوْتِ وَإِنْ طَرَأَ خِلَافُهُ فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ مَاتَ الْكَافِرُ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْحَمْلِ تَبَعًا وَيَرِثُ مِنْ أَبِيهِ لِلْحُكْمِ بِكُفْرِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَقَوْلُهُ: " كَمِلَّتَيْ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ " خَرَجَ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ كَمَا يَأْتِي اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَوْلُهُ: " وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ " أَيْ قَطْعًا. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ) عِبَارَةُ الشِّنْشَوْرِيِّ: أَمَّا عَدَمُ إرْثِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِمُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمَا، وَدَلِيلُهُمَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ ذَكَرْته فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ. وَقَوْلُهُ: " فَبِالْإِجْمَاعِ " مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَوْلُهُ: " خِلَافًا لِمُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ " أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: " ذَكَرْته إلَخْ " قَالَ فِيهِ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ: «الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ» وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخَبَرَ إنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ يَزِيدُ بِفَتْحِ الْبِلَادِ وَلَا يَنْقُصُ بِالِارْتِدَادِ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَمَرْدُودٌ بِالْعَبْدِ يَنْكِحُ الْحُرَّةَ وَلَا يَرِثُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>