وَالْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ. وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَتَوَاتَرْ لَكِنَّهَا كَالْخَبَرِ فِي الْعَمَلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ تَوْقِيفًا. وَإِنَّمَا سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِأَنَّهُ لَا تَعْصِيبَ فِيمَنْ أَدْلُوا بِهِ بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ وَلِأَبٍ، فَإِنَّ فِيهِمْ تَعْصِيبًا فَكَانَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ، وَقَدْ يُفْرَضُ الثُّلُثُ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ فِيمَا إذَا نَقَصَ عَنْهُ بِالْمُقَاسَمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فَأَكْثَرَ، وَبِهَذَا يَكُونُ فَرْضُ الثُّلُثِ لِثَلَاثَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّالِثُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ.
(وَ) الْفَرْضُ السَّادِسُ (السُّدُسُ) وَهُوَ (فَرْضُ سَبْعَةٍ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ (لِلْأُمِّ مَعَ الْوَلَدِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] (أَوْ) مَعَ (وَلَدِ الِابْنِ) وَإِنْ سَفَلَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حَجْبِهَا بِهِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا مُخَالَفَةَ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ (أَوْ) مَعَ (اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا) أَيْ فَأَكْثَرَ (مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) لِمَا مَرَّ فِي الْآيَتَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ اثْنَيْنِ قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَيْنِ مُلْتَصِقَيْنِ لَهُمَا رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَفَرْجَانِ، وَلَهُمَا ابْنٌ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الِابْنُ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَهَذَيْنِ، فَيُصْرَفُ لَهَا السُّدُسُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا خَبَرَ لَهَا بِجَعْلِهَا تَامَّةً، وَكَلَالَةً عَلَى هَذَيْنِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُورَثُ وَهِيَ مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ.
قَوْلُهُ: (كَالْخَبَرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ: الْمُعْتَمَدُ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ إذَا صَحَّ سَنَدُهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ خَبَرِ الْآحَادِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (تَوْقِيفًا) أَيْ تَعْلِيمًا مِنْ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَوْلُهُ " فِيمَنْ أَدْلَوْا بِهِ " وَهِيَ الْأُمُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ فِيهِمْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّ فِيهِ أَيْ مَنْ أَدْلُوا بِهِ وَهُوَ الْأَبُ تَعْصِيبًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنَّ فِيهِمْ تَعْصِيبًا لِإِدْلَائِهِمْ بِالْأَبِ الْعَاصِبِ. قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ نَظِيرُ مَا مَرَّ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَمُرَّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ وَلَدِ الِابْنِ) إنْ قِيلَ: لِمَ جَعَلَ وَلَدَ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي حَجْبِهَا إلَى السُّدُسِ وَلَمْ يَجْعَلْ وَلَدَ الْأَخِ كَأَبِيهِ فِي ذَلِكَ؟ أُجِيبَ بِالْفَرْقِ لِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ مَجَازًا شَائِعًا بَلْ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْأَخِ عَلَى وَلَدِهِ وَبِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْوَى حَجْبًا مِنْ الْإِخْوَةِ يَحْجُبُ مَنْ لَا يَحْجُبُونَهُ وَلِقُصُورِهِمْ عَنْ دَرَجَةِ آبَائِهِمْ قَوِيَ الْجَدُّ عَلَى حَجْبِهِمْ دُونَ آبَائِهِمْ اهـ سم.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْتَبِرُوا مُخَالَفَةَ مُجَاهِدٍ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَحْجُبُهَا وَلَدُ الِابْنِ.
قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ فِي الْآيَتَيْنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: لِلْأُمِّ مَعَ الْوَلَدِ إلَخْ، وَالْآيَةُ الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَسَمَّاهَا آيَةً لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] فَيَكُونُ آخِرَ الْآيَةِ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُمَا آيَةً وَاحِدَةً. وَأَجَابَ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْآيَتَيْنِ الْجُمْلَتَانِ سَوَاءٌ وَرِثَا أَوْ حُجِبَا بِالشَّخْصِ دُونَ الْوَصْفِ كَأَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقٍ وَكَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ فَيَحْجُبَانِهَا وَإِنْ حُجِبَا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعَدُّدَ غَيْرِ الرَّأْسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ مَتَى عُلِمَ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ بِحَيَاةٍ كَأَنْ نَامَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَدَخَلَ بِالثَّانِي مَا لَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ وَأَعْضَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلَةً حَتَّى الْفَرْجَيْنِ فَلَهُمَا حُكْمُ اثْنَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ حَتَّى إنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ سَوَاءٌ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفِينَ، فَإِنْ نَقَصَتْ أَعْضَاءُ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عُلِمَ حَيَاةُ أَحَدِهِمَا اسْتِقْلَالًا كَنَوْمِ أَحَدِهِمَا وَيَقَظَةِ الْآخَرِ فَكَاثْنَيْنِ أَيْضًا وَإِلَّا فَكَوَاحِدٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (حُكْمُ الِاثْنَيْنِ) وَهَلْ يُكَلَّفُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ عَلَى فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَرَكَةِ أَوْ لَا؟ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ حَجّ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فِي فِعْلِ شَيْءٍ أَرَادَهُ مِمَّا