للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَتُعْطَى أَيْضًا السُّدُسَ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ أَخَوَيْنِ كَأَنْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَاشْتَبَهَ الْحَالُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَدَانِ، فَلِلْأُمِّ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ السُّدُسُ فِي الْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي الْعِدَدِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ الْوَلَدُ أُمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَاثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ فَاَلَّذِي رَدَّهَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ الْوَلَدُ لِقُوَّتِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَقَدْ يُفْرَضُ لَهَا أَيْضًا السُّدُسُ مَعَ عَدَمِ مَنْ ذُكِرَ كَمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ.

(وَهُوَ) أَيْ السُّدُسُ (لِلْجَدَّةِ) الْوَارِثَةِ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» وَالْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ الْوَارِثَاتُ يَشْتَرِكَانِ أَوْ يَشْتَرِكْنَ فِي السُّدُسِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ لِلْجَدَّتَيْنِ» ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْجَدَّةُ لِأُمٍّ فَلَهَا ذَلِكَ (مَعَ عَدَمِ الْأُمِّ) فَقَطْ سَوَاءٌ انْفَرَدَتْ أَوْ كَانَتْ مَعَ ذَوِي فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ لِأَنَّهَا لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ فَقَطْ إذْ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ غَيْرُهَا فَلَا تُحْجَبُ بِالْأَبِ وَلَا بِالْجَدِّ، وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ يَحْجُبُهَا الْأَبُ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِهِ وَالْأُمُّ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ بِالْأُمُومَةِ وَالْأُمُّ أَقْرَبُ مِنْهَا، وَالْقُرْبَى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْهَا سَوَاءٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَخُصُّهُ أَوْ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ظَهْرَ أَحَدِهِمَا لِظَهْرِ الْآخَرِ لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْإِنْسَانِ بِفِعْلٍ لِأَجْلِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نِسْبَتِهِ لِتَقْصِيرٍ وَلَا لِسَبَبٍ فِيهِ مِنْهُ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا نَظَرَ لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمَا مَعًا لَا تُمْكِنُ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَخَالُفُهُمَا أَيْ تَخَالُفُ وَجْهَيْهِمَا. فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَا نُجْبِرُهُ وَيَلْزَمُ الْآخَرُ بِالْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَسَائِلَ ذَكَرُوهَا؟ قُلْت: تِلْكَ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى حِفْظِ النَّفْسِ تَارَةً كَمُرْضِعَةٍ تَعَيَّنَتْ وَالْمَالِ أُخْرَى كَوَدِيعٍ تَعَيَّنَ، وَمَا هُنَا إنَّمَا هُوَ إجْبَارٌ لِمَحْضِ عِبَادَةٍ وَهِيَ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِمَا أَيْ الْمُرْضِعَةِ الْوَدِيعَةِ. فَإِنْ قُلْت: عَهْدُ الْإِجْبَارِ بِالْأُجْرَةِ لِلْعِبَادَةِ كَتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ بِالْأُجْرَةِ. قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ أَمْرٌ يَدُومُ نَفْعُهُ بِفِعْلِ قَلِيلٍ لَا يَتَكَرَّرُ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَكْرَارُ الْإِجْبَارِ بَلْ دَوَامُهُ مَا بَقِيَتْ الْحَيَاةُ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُطَاقُ، لَمْ يُتَّجَهْ إيجَابُهُ؛ بَلْ إنْ رُفِعَا إلَى الْحَاكِمِ أَعْرَضَ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ ابْنِ حَجْرٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ فِيمَا قَتَلَهُمَا شَخْصٌ عَمْدًا فَيُقْتَلُ فِي أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِلْآخَرِ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ فَدِيَتَانِ، وَكَذَا كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ أَصَابَ أَحَدَ الْمُلْتَصِقَيْنِ نَجَاسَةٌ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ مِنْ عَلَى صَاحِبِهِ. وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: شَخْصٌ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَحَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى تَزُولَ النَّجَاسَةُ مِنْ عَلَى بَدَنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِمَا) كَالنِّكَاحِ، فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ سَوَاءً كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَيَجِبُ السَّتْرُ وَالتَّحَفُّظُ مَا أَمْكَنَ وَفِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمَا يَعَدَّانِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ حَيْثُ كَانَا مُتَوَجِّهَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَنْبِ الْآخَرِ، أَمَّا لَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ كَانَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا لِظَهْرِ الْآخَرِ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلِلْأُمِّ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ السُّدُسُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَيِّتَ ابْنُ الَّذِي لَهُ وَلَدَانِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَيِّتُ مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَأَخَوَيْنِ فَالسُّدُسُ مُحَقَّقٌ وَالثُّلُثُ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِاحْتِمَالِ نِسْبَةِ الْوَلَدِ لِلثَّانِي، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ الثَّانِي أَخَذَ الثُّلُثَ كَامِلًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلْمُدْرِكِ الَّذِي لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُدْرِكُهُ قَوِيًّا عَبَّرَ فِي مُقَابِلِهِ بِالْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا عَبَّرَ فِيهِ بِالصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْعِدَدِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُفْرَضُ لَهَا أَيْضًا السُّدُسُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْحَقِيقَةِ، وَإِنْ سَمَّيْنَاهُ ثُلُثَ الْبَاقِي عَمَلًا بِعَدَمِ الْحَاجِبِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَتَأَدُّبًا مَعَ الْقُرْآنِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهَا) فِي كَلَامِ الْمَتْنِ أَوْ فِي الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْهَا) شَمِلَ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ فَتَسْقُطُ بِالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْهَائِمِ أَخْذًا مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ " شَمِلَ إلَخْ " أَيْ لِأَنَّ الْبُعْدَى وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَقَوْلُهُ " أَخْذًا مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ " وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَالْقُرْبَى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>