للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ كَمَا تُقَسَّطُ التَّرِكَةُ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ، أَوْ اجْتَمَعَ عِتْقٌ وَغَيْرُهُ كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ قُسِّطَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ لِلْعَتِيقِ لِاتِّحَادِ وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَالثُّلُثُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ. نَعَمْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ لِلْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُنَجَّزَةٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ مِنْهَا بِالْأَوَّلِ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ سَوَاءً أَكَانَ فِيهَا عِتْقٌ أَمْ لَا، وَيَتَوَقَّفُ مَا بَقِيَ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ التَّبَرُّعَاتُ دَفْعَةً إمَّا مِنْهُ أَوْ بِوَكَالَةٍ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ فِيهَا كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ خَاصَّةً حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ وَقُسِّطَ بِالْقِيمَةِ فِي غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ كَانَتْ التَّبَرُّعَاتُ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً بِالْمَوْتِ قُدِّمَ الْمُنَجَّزُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ حَالًّا وَلَازِمًا لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِيهِ.

فُرُوعٌ لَوْ قَالَ إنْ أَعْتَقْتُ غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ فَأَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ تَعَيَّنَ لِلْعِتْقِ إنْ خَرَجَ وَحْدَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا إقْرَاعَ، وَلَوْ أَوْصَى بِحَاضِرٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ يَتَسَلَّطْ مُوصًى لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ حَالًّا وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نَضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ.

وَيُنْدَبُ لِلْمُوصِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ شَيْئًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» (فَإِنْ زَادَ) عَلَى الثُّلُثِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) أَيْ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ كَأَنْ أَوْصَى بِعَيْنٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ الْمِقْدَارِ " أَيْ فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَأَنْ أَوْصَى بِمِائَةِ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتَمَعَ عِتْقٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يُرَتِّبْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتَمَعَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (مُنَجَّزَةٌ) أَيْ وَكَانَتْ مُرَتَّبَةً، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ الْآتِي: فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ التَّبَرُّعَاتُ دُفْعَةً؛ وَقَوْلُهُ " دُفْعَةً " بِضَمِّ الدَّالِ اهـ حَجّ.

قَوْلُهُ: (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَ، كَأَنْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْ وُكَلَائِهِ وَوُقِفَ آخَرُ وَأُعْتِقَ آخَرُ دُفْعَةً فَإِنَّهُ يُقَسِّطُ الثُّلُثَ أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مِائَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ مِائَةً نَفَذَ مِنْ كُلِّ ثُلُثِهِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهَا فَإِنْ تَمَحَّضَتْ عِتْقًا أُقْرِعَ وَإِلَّا قُسِّطَ الثُّلُثُ كَمُنَجَّزَةٍ، فَإِنْ تَرَتَّبَتْ قُدِّمَ أَوَّلٌ فَأَوَّلٌ إلَى الثُّلُثِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ التَّشْقِيصِ) أَيْ التَّبْعِيضِ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا إقْرَاعَ) أَيْ بَيْنَ غَانِمٍ وَسَالِمٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ فَيَلْزَمَ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتَ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ بِقِسْطِهِ أَوْ خَرَجَ مَعَ سَالِمٍ أَوْ بَعْضِهِ مِنْهُ عِتْقًا فِي الْأَوَّلِ وَغَانِمٍ وَبَعْضِ سَالِمٍ فِي الثَّانِي شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى بِحَاضِرٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ) كَأَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِهَذَا الْمَالِ الْحَاضِرِ لِزَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَسَلَّطْ مُوصًى لَهُ) ؛ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَارِثِ عَلَى مِثْلَيْ مَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ وَالْوَارِثُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَدْ يُنَاقَشُ فِي مَنْعِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ التَّسَلُّطِ عَلَى ثُلُثِ الْحَاضِرِ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَلِفَ الْغَائِبُ أَوْ سَلِمَ؛ لَكِنْ لَمَّا تَوَقَّفَ تَسَلُّطُهُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَارِثِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ وَكَانَ الْوَارِثُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى ثُلُثَيْهِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى ثُلُثِهِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ) بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي.

قَوْلُهُ: (الثُّلُثُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ، يُوصِي بِهِ أَوْ مَفْعُولٌ، أَيْ الْزَمْ الثُّلُثَ.

قَوْلُهُ: (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَهُوَ مَحَلُّ الدَّلِيلِ؛ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ مَرِضَ بِمَكَّةَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ يَعُودُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: فَالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: لَا فَقَالَ: الثُّلُثُ؟ قَالَ النَّبِيُّ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَقَوْلُهُ " فَالشَّطْرُ " بِالْجَرِّ عَلَى تَقْدِيرِ: فَبِالشَّطْرِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ: فَالشَّطْرُ أَتَصَدَّقُ بِهِ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَمِثْلُهُ " فَالثُّلُثُ ". وَقَوْلُهُ " الثُّلُثُ " بِالنَّصْبِ مَنْصُوبٌ بِالْإِغْرَاءِ أَيْ: الْزَمْ الثُّلُثَ، وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: يَكْفِيك، أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: الثُّلُثُ كَافِيك. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنَةٌ وَكَانَ اسْمُهَا عَائِشَةُ، وَقَدْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَلَّك تُخَلَّفُ» أَيْ تَبْقَى " بَعْدَ هَذَا الزَّمَانِ " فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ نَحْوَ خَمْسِينَ سَنَةً اهـ؛ وَبَقِيَّتُهُ: «فَإِنَّك أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>