مَكْرُوهَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنَّهَا مُحَرَّمَةٌ (وُقِفَ) الزَّائِدُ (عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ إنْ رَدَّهُ وَارِثٌ خَاصٌّ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ أَوْ كَانَ، وَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَالظَّاهِرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَتْ أَهْلِيَّتُهُ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْبُطْلَانِ وَإِنْ أَجَازَهُ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ
(وَلَا تَجُوزُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» أَيْ فَمَنَعَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَتَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمْ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَ هَذِهِ الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدَّلِيلِ لِمَا ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ " وَرَثَتَك " إنَّمَا عَبَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ سَعْدًا سَيَعِيشُ وَتَأْتِيهِ أَوْلَادٌ غَيْرُ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ، فَكَانَ كَذَلِكَ فَبَلَغُوا عَشَرَةَ أَوْلَادٍ وَذُكِرَ لَهُ مِنْ الْبَنَاتِ ثِنْتَا عَشْرَةَ بِنْتًا، فَعَاشَ بَعْدَ الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَهُوَ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَوْلُهُ " عَالَةً أَيْ فُقَرَاءَ وَهُوَ جَمْعُ عَائِلٍ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَالْفِعْلُ مِنْهُ عَالَ يُعِيلُ إذَا افْتَقَرَ وَأَصْلُ عَالَةٍ عَيْلَةٌ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا قَالَ فِي الْأَلْفِيَّةِ
وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَّلَهُ
وَقَوْلُهُ: " يَتَكَفَّفُونَ أَيْ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِأَكُفِّهِمْ يُقَالُ تَكَفَّفَ النَّاسَ وَاسْتَكَفَّ النَّاسَ إذَا بَسَطَ كَفَّهُ لِلسُّؤَالِ أَوْ سَأَلَ مَا يَكُفُّ عَنْهُ الْجُوعَ أَوْ سَأَلَ كَفًّا مِنْ طَعَامٍ. وَقَوْلُهُ " أَنْ تَذَرَ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَ " أَنْ " وَالْفِعْلُ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٌ وَخَيْرٌ خَبَرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: أَيْ تَرْكُك وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ إلَخْ، وَالْمَصْدَرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ تَذَرَ لَا مَصْدَرَ لَهُ.
فَائِدَةٌ أَوَّلُ مَنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فِي الْإِسْلَامِ الْبَرَاءُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ مَمْدُودًا مُخَفَّفًا ابْنُ مَعْرُورٍ بِمُهْمَلَاتٍ كَمَقْصُودٍ وَزْنًا وَمَعْنًى؛ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ أَسْلَمِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ مَاتَ فِي صَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ بِشَهْرٍ فَقَبِلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (إنَّهَا مُحَرَّمَةٌ) مَرْجُوحٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ ق ل. وَتَبِعَ فِي قَوْلِهِ " أَوْ مَحْمُولٌ " الْأَذْرَعِيُّ، وَاعْتَمَدَ م ر فِي شَرْحِهِ خِلَافَهُ. وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ الْحُرْمَةَ مَعَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِالزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِنِصْفِ مَالِي مَثَلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ إتْيَانِهِ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ نَظَرٌ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَعِبَارَةُ سُلْطَانٍ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَإِنْ قَصَدَ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا حِرْمَانَ أَصْلًا. أَمَّا الثُّلُثُ فَإِنَّ الشَّارِعَ وَسَّعَ لَهُ فِي ثُلُثِهِ لِيَسْتَدْرِكَ بِهِ مَا فَرَّطَ مِنْهُ فَلَمْ يُغَيِّرْ قَصْدَهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَنْفُذُ إنْ أَجَازُوهُ وَمَعَ إجَازَتِهِمْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حِرْمَانٌ فَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي قَصْدِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ تُوُقِّعَتْ أَهْلِيَّتُهُ) بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا تُوُقِّعَتْ إفَاقَتُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، خَرَجَ بِهِ مَا لَمْ تُتَوَقَّعْ كَجُنُونٍ مُسْتَحْكَمٍ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ بِأَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ خَبِيرَانِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصِي وَقَعَ صَحِيحًا بِحَسْبِ الظَّاهِرِ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِمَانِعٍ قَوِيٍّ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَتَى بَرِئَ وَأَجَازَ بِأَنَّ نُفُوذَهَا.
قَوْلُهُ: (تَنْفِيذٌ) أَيْ لِتَصَرُّفِ الْمُوصِي، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الزِّيَادَةَ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الْوَارِثِ وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ عَلَى الْأَوَّلِ لِلَفْظِ هِبَةٍ مِنْ الْوَارِثِ وَلَا لِتَجْدِيدِ قَبُولٍ وَقَيْضٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَنْفِيذٍ مِنْ الْمُفْلِسِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ لَا لِلْوَارِثِ وَلَهُ عَلَى الثَّانِي لَا الْمُوصَى لَهُ، وَعَلَيْهِمَا لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ مَا يُجِيزُهُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ لَا مُعَيَّنٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ الْوَارِثُ قَدْرَ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَقَدْرَ التَّرِكَةِ، فَلَوْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ ثُمَّ قَالَ: كُنْت أَعْتَقِدُ قِلَّةَ التَّرِكَةِ فَبَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا ظَنَنْت؛ قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ: يَحْلِفُ وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي الَّذِي كَانَ يَتَحَقَّقُهُ.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ التَّرِكَةَ كَثِيرَةٌ وَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَبَانَ خِلَافُهُ أَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ لَمْ أَعْلَمْهُ أَوْ بَانَ تَلَفُ بَعْضِهَا وَقُلْنَا الْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ فَقَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ: الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ هُنَا بِمَعْلُومٍ مُشَاهَدٍ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِنِصْفٍ شَائِعٍ، وَالثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي: يَحْلِفُ وَلَا تَلْزَمُ إلَّا فِي الثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُشَاعِ اهـ. إسْعَادٌ زي