للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقِيقِ أَوْ ضَعْفِهِ وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ.

تَنْبِيهٌ دَخَلَ فِي الْكَافِرِ الْمُرْتَدُّ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ. نَعَمْ إنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ كَافِرًا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَالْمُوصَى لَهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. وَقَدْ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (لِكُلِّ مُتَمَلِّكٍ) أَيْ بِأَنْ يَتَصَوَّرَ لَهُ الْمَلَكُ عِنْدَ مَوْتِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَعْدَهَا. وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ زِيَادَةُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ أَيْ الْكَافِرُ، لَا عَمَلَ لَهُ بَعْدَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِيهَا بِطَرِيقِ الذَّاتِ كَوْنُهَا عَقْدًا مَالِيًّا لَا خُصُوصَ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ صَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ كَمَا فِي زي وح ل وم ر، قَالَ ع ش عَلَيْهِ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُجَازَى عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ؛ وَعِبَارَةُ س ل: أَيْ وَإِنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَهَا وَمَالُهُ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ وَمَاتَ حُرًّا، أَيْ فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا تَبَيَّنَ أَنَّ مَالَهُ كُلَّهُ فَيْءٌ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَمَالُهُ " أَيْ وَالْحَالُ، وَقَوْلُهُ " عِنْدَنَا بِأَمَانٍ " مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عِنْدَنَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ صَارَ مَالُهُ عِنْدَنَا وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ أَسْلَمَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا احْتَرَزُوا بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. وَفَارَقَ عَدَمَ انْعِقَادِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِمْ) بِدَلِيلِ صِحَّةِ إقْرَارِهِمْ بِالطَّلَاقِ وَالْعُقُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ) وَهُوَ فِي الْمُسْلِمِ ظَاهِرٌ وَفِي الْكَافِرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ عَذَابٌ غَيْرُ الْكُفْرِ. اهـ. عِ ش. قَوْلُهُ: (وَمُغْمًى عَلَيْهِ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيّ مَا لَوْ كَانَ سَبَبُهُ سُكْرًا عَصَى بِهِ وَكَلَامُهُ مُنْتَظِمٌ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَيْ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا صَحَّتْ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ عَتَقَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْأَدَاءِ تَعَلَّقَ الْمُوصَى لَهُ بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ كِتَابَتُهُ بِأَنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَمَاتَ رَقِيقًا بَطَلَتْ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّيِّدِ فِي إذْنِهِ قَدْرًا بَلْ يَكْفِي إطْلَاقُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى الثُّلُثِ. وَهَلْ تَشْمَلُ وَصِيَّتُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الْعِتْقَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ رِقَّهُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْمُبَعَّضِ؟ الظَّاهِرُ الشُّمُولُ؛ لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ بِخُصُوصِهِ أَوْ يَكْفِي الْعُمُومُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ.

قَوْلُهُ: (وَلِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقِيقِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَضَعَّفَهُ فِيهِ. اهـ. ع ش. وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَلَوْ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ إنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ كَمَا ذَكَرَهُ زي وح ل.

قَوْلُهُ: (وَالسَّكْرَانُ) أَيْ الْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِصِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ عَقْدًا وَحَلًّا.

قَوْلُهُ: (أَوْ قُتِلَ) أَيْ الْمُرْتَدُّ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُوصَى لَهُ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ جِهَةٍ اُشْتُرِطَ لَهُ شُرُوطٌ أَرْبَعٌ: أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ فَلَا تَصِحُّ لِدَابَّةٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُبْهَمًا فَلَا تَصِحُّ لِأَحَدِ هَذَيْنِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعْصِيَةً فَلَا تَصِحُّ بِمُسْلِمٍ لِكَافِرٍ وَلَا بِمُصْحَفٍ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ لِمَنْ سَيُوجَدُ؛ وَإِنْ كَانَ جِهَةً اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصِيَةً فَلَا تَصِحُّ لِعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ وَلَا لِلْقُطَّاعِ وَلَا لِلْمُحَارَبِينَ وَلَا لِلْمُرْتَدِّينَ.

قَوْلُهُ: (إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا إلَخْ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ صِحَّتَهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ جِهَةٍ وَلَا شَخْصٍ كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ بِثُلُثٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا أُولَئِكَ فَكَانَ إطْلَاقُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا وَبِهَذَا فَارَقَ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ. اهـ. م ر وزي.

قَوْلُهُ: (لِكُلِّ مُتَمَلِّكٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ مَنْ يَمْلِكُ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ وَمِنْ الْوَصِيَّةِ لِلتَّمَلُّكِ الْوَصِيَّةُ لِرَقِيقٍ؛ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ وَيَقْبَلُهَا الرَّقِيقُ وَإِنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ دُونَ السَّيِّدِ، وَإِنْ مَاتَ الرَّقِيقُ قَبْلَ قَبُولِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ قَاصِرًا أَوْ مَجْنُونًا فَهَلْ يَنْتَظِرُ كَمَالَهُ أَوْ يَقْبَلُ السَّيِّدُ كَوَلِيِّ الْحُرِّ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الظَّاهِرُ الثَّانِي. وَلَوْ أَجْبَرَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ عَلَى الْقَبُولِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَوْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَلَهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا عَتَقَ وَالْبَاقِي لِمَالِكِهِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ فَهِيَ لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ قَارَنَ الْعِتْقُ الْمَوْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>