الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ إنَّمَا يُطْلَبُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَإِذَا نَوَاهَا فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ أَوْ أَدَاءَ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْض الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ صَبِيًّا أَوْ أَدَاءَ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءَ فَقَطْ لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ، فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
تَنْبِيهٌ: مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ الْمُجَدَّدِ، أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَيْفِيَّتَهَا فِي الْوُضُوءِ اسْتِحْضَارُ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَقَصْدُ غَسْلِهَا عِنْدَ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا. وَفِي الصَّلَاةِ اسْتِحْضَارُ سُورَتِهَا وَأَرْكَانِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَقَصْدُ إيقَاعِ ذَلِكَ عِنْدَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فَكَيْفِيَّتُهَا فِي الْأَوَّلِ غَيْرُهَا فِي الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ إلَخْ) قَرَّرَ الزِّيَادِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُفْتَقِرُ إلَى الْوُضُوءِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَبِيحَهُ النَّاوِي فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْمَرْأَةِ اسْتِبَاحَةَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (مُفْتَقِرٌ إلَى وُضُوءٍ) أَيْ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ النَّاوِي فَيَصِحُّ نِيَّةُ صَبِيٍّ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ مَا لَمْ يَقْصِدْ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِهَذَا الْقَيْدِ، وَيَصِحُّ الْوُضُوءُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَيْ الْكُلِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَيْضًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ مَسَّ الْمُصْحَفِ. قَالَ شَيْخُنَا: كَابْنِ حَجَرٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةٍ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُهُ حَالًا كَالطَّوَافِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا أَوْ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِأَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ الصِّحَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ النِّيَّةِ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ بَعْدُ بِأَنْ صَارَ مُتَصَرِّفًا أَوْ اتَّفَقَ لَهُ مَنْ يُوصِلُهُ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا. وَشَمِلَ أَيْضًا مَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثٍ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرَحَ. م ر.
قَوْلُهُ: (غَايَةَ الْقَصْدِ) أَيْ الْمَقْصُودَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ غَايَةُ نِيَّةِ الرَّفْعِ وَنِهَايَتُهَا، فَهِيَ نِهَايَةُ الْمَقْصُودِ، فَفِي الْمَقَامِ مَقْصُودٌ وَغَايَةٌ، فَنِيَّةُ الرَّفْعِ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْمَقْصُودِ وَالْغَايَةُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَتَدْخُلُ السُّنَنُ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ صَبِيًّا) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْوُضُوءُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَلَوْ مِنْ الصَّبِيِّ، وَمَحَلُّهُ إذَا أَرَادَ بِالْفَرْضِ مَا ذُكِرَ أَوْ الْفَرْضَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ أَرَادَ الْفَرْضَ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ لِتَلَاعُبِهِ. قَالَ م ر: وَإِنَّمَا صَحَّ يَعْنِي فَرْضُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ. وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَأَيْضًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ. أَلَا تَرَى أَنَّ نَاوِيَ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ يَكْفِي مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْوَقْتَ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ) أَيْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ وَمَا مَعَهَا مِنْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ) أَيْ وَغَيْرُ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُجَدَّدُ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِأَجْلِ زِيَادَةِ التَّقْرِيرِ وَالتَّوَضُّحِ.
قَوْلُهُ: (فَالْقِيَاسُ) مُعْتَمَدٌ أَيْ عَلَى وُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ هَذَا إلَّا بِالنَّظَرِ لِلنِّيَّةِ الْأُولَى، أَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ فِي وُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى نِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ يُرِيدُ بِهِ الْفَرْضَ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْهُ أَوْ الْفَرْضِ الصُّورِيِّ، وَلَا