للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى. انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ فَرْضُهُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ؟ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي الْوُضُوءِ فِيمَا عَلِمْت بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَقَطْ دُونَ نِيَّةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهَا، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَغُسْلِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَوْ نَوَى الطَّهَارَةَ عَنْ الْحَدَثِ صَحَّ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ، وَقَدْ تَكُونُ عَنْ خَبَثٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَصِحُّ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَصَدَ بِنِيَّتِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةَ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الرَّافِعِ أَوْ الْمُبِيحِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَمِثْلُ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَنْوِي فِيهَا الْفَرْضِيَّةَ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ فَرْضٍ، فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نِيَّةُ مَا لَيْسَ عَلَى النَّاوِي؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُعَادَةِ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ، وَفِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَثَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ بِدُونِ هَذِهِ النِّيَّةِ، وَالْمُنَاسِبُ لِلْقِيَاسِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ فِي النِّيَّةِ أَنْ يَقِيسَ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ فِي النِّيَّةِ لَا أَنْ يَقِيسَ نِيَّةَ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَوْجُودَيْنِ فِي الْمُعَادَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا خَارِجٌ إلَخْ، فَاسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، لَكِنْ بِهَذَا التَّقْدِيرِ.

وَقَوْلُهُ: (فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ هُنَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ الْقَوَاعِدِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ) إلَخْ هَذَا رَدٌّ لِكَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ كَمَا فِي م ر. وَمَا زَعَمَهُ الْمُحَشِّي مِنْ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ، وَمِنْ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْعِمَادِ تَأْيِيدٌ لِكَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ غَفْلَةٌ سَبَبُهَا تَوَهُّمُ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ. لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ، بَلْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ تَوَرُّكًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي م ر وَعِبَارَتُهُ أَمَّا هُوَ أَيْ الْمُجَدَّدُ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ، وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ قَالَ: غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ تَخْرِيجَهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ. اهـ بِحُرُوفِهِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قُلْت: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُحَشِّي أَنَّهُ تَأْيِيدٌ لِصَدْرِ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ رَدًّا لِعَجْزِهِ أَعْنِي قَوْلَهُ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّ ابْنَ الْعِمَادِ يُخَالِفُ الْإِسْنَوِيَّ فِي الْقِيَاسِ، وَيُوَافِقُهُ فِي الْحُكْمِ وَابْنُ الْعِمَادِ تِلْمِيذُ الْإِسْنَوِيِّ.

قَوْلُهُ: (مُشْكِلٌ) وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الطَّهَارَةَ وَسِيلَةٌ لِلصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ وَلَوْ نَافِلَةً مَقْصِدٌ، وَالْوَسِيلَةُ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمَقْصِدِ. وَقَوْلُهُ: خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ مُشْكِلٌ، فَالْخَارِجُ عَنْ الْقَوَاعِدِ هُوَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَتَخْرِيجُهُ) أَيْ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ بِبَعِيدٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَوْنُهُ خَارِجًا عَنْ الْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ ضَعِيفًا قَوْلُهُ: (هَلْ فَرْضُهُ الْأُولَى) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهَا) أَيْ الْعِبَادَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُطْلَقُ إلَخْ) لَوْ قَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَادَةً لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِمَا) كَالتَّنَظُّفِ وَالتَّبَرُّدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى) أَيْ مُرِيدُ الْوُضُوءِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْكَلَامِ لَا لِلْمُجَدِّدِ، قَوْلُهُ: (الطَّهَارَةَ عَنْ الْحَدَثِ) أَوْ الطَّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ أَوْ الطَّهَارَةَ لِلْحَدَثِ، أَوْ لِأَجْلِ الْحَدَثِ أَوْ أَدَاءَ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ فَهِيَ سِتُّ صُوَرٍ اهـ. م د. قَوْلُهُ: (وَعَلَّلَهُ) أَيْ عَلَّلَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، قَوْلُهُ: (قَدْ تَكُونُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ لِصِدْقِهَا بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ إضَافَتَهَا لِلصَّلَاةِ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ الْخَبَثِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَالشَّهِيدِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>