للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ. وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا أَوْ أَعْطُوهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي فِي الثَّلَاثَةِ، وَإِلَى كِنَايَةٍ كَهُوَ لَهُ مِنْ مَالِي وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ فَتَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ لَهُ فَقَطْ فَإِقْرَارٌ لَا وَصِيَّةٌ وَتَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِمَوْتٍ لَكِنْ مَعَ قَبُولٍ بَعْدَهُ وَلَوْ بِتَرَاخٍ فِي مُوصًى لَهُ مُعَيَّنٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ. وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَأَشْبَهَ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلِمَنْ قَبِلَ فِي الْحَيَاةِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْعَكْسِ. وَيَصِحُّ الرَّدُّ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ لَا بَعْدَهُمَا وَبَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ صَحَّحَ فِي تَصْحِيحِهِ الصِّحَّةَ.

فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَبَطَلَتْ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَالْقَابِلُ وَالرَّادُّ هُوَ الْإِمَامُ وَمِلْكُ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ لِلْمُوصَى بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ مَوْقُوفٌ إنْ قُبِلَ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ رُدَّ بَانَ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ وَيَتْبَعُهُ فِي الْوَقْفِ الْفَوَائِدُ الْحَاصِلَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اتِّصَال الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ فِي الْوَصِيَّةِ تَسَامَحُوا فِي الْفَوْرِ أَيْضًا م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِي) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي فَفِي صُورَةٍ وَهِبَتُهُ يَكُونُ هِبَةً وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ الْوَصِيَّةِ لَوْ نَوَاهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ نَفَذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ أَعْطُوهُ لَهُ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْوَصِيَّةِ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي. قَوْلُهُ بَعْدَ عَيْنِي وَإِنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ الْمَوْتَ؛ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَا قَوْلُهُ وَهَبْتُهُ لَهُ بِدُونِ بَعْدِ مَوْتِي فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً وَإِنْ نَوَى الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ الْمُنَجَّزُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، ثُمَّ إنْ كَانَ هَذَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَمُتْ فِيهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَاسْتَوْجَهَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ أَنَّهُ وُفِيَ مَالِي أَيْ الَّذِي لِي عِنْدَهُ فَصَدَّقُوهُ بِلَا يَمِينٍ كَانَ وَصِيَّةً، فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: صَدَّقُوهُ بِيَمِينٍ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ دُونَ حُجَّةٍ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِأَمْرِ الشَّرْعِ فَلْيَكُنْ لَغْوًا وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً أَيْضًا. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (كَهُوَ لَهُ مِنْ مَالِي) لِاحْتِمَالِهِ الْوَصِيَّةَ وَالْهِبَةَ فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ، فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَالْإِقْرَارُ هُنَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ لِقَوْلِهِ مِنْ مَالِي. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَأَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى، وَأَيْضًا الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّصَالُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (مَعَ قَبُولٍ) أَيْ لَفْظِيٍّ بَعْدَهُ، فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ، وَهُوَ الْأَخْذُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ كَالْهَدِيَّةِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ إعْتَاقًا كَأَنْ قَالَ: أَعْتِقُوا عَنِّي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ لَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (مُعَيَّنٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْجِهَةَ، فَيَشْمَلُ مَا إذَا أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ كَأَوْصَيْت لِبَنِي فُلَانٍ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) أَيْ وَإِنْ انْحَصَرُوا ق ل؛ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر أَنَّهَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ إنْ انْحَصَرُوا وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ حِينَئِذٍ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إذْ لَا حَقَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ) أَيْ الرَّدُّ.

قَوْلُهُ: (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَلِمَنْ رَدَّ فِي الْحَيَاةِ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ) بِأَنْ رَدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ قَبِلَ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَالْقَبُولُ بَاطِلٌ.

قَوْلُهُ: (كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي تَصْحِيحِهِ الصِّحَّةَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمُوصِي) أَوْ مَعَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ) لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ هَذَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ وَمِلْكُ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مُوصًى لَهُ بَلْ فِيهَا وَصِيَّةٌ بِإِعْتَاقٍ اللَّهُمَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّقِيقَ مُوصًى لَهُ ضِمْنًا فَكَأَنَّهُ أَوْصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>