للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَعَدَمُ جَهَالَةٍ، فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى مَنْ فَقَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَفَاسِقٍ وَمَجْهُولٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ أَوْ عَدَاوَةٌ وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَمَنْ لَا يَكْفِي فِي التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فِي بَعْضِهِمْ وَلِلتُّهْمَةِ فِي الْبَاقِي. وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ عَدْلٍ فِي دِينِهِ عَلَى كَافِرٍ. وَاعْتُبِرَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِمَنْ خَلَا عَنْ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهِمَا كَصَبِيٍّ وَرَقِيقٍ ثُمَّ اسْتَكْمَلَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّ. وَلَا يَضُرُّ عَمًى؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوْكِيلِ فِيمَا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ. وَلَا أُنُوثَةٌ لِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إلَى حَفْصَةَ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَيَنْعَزِلُ وَلِيٌّ بِفِسْقٍ لَا إمَامٍ لِتَعَلُّقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ بِكَوْنِ الْمُوصِي عَدُوًّا لِلْوَصِيِّ أَوْ لِلْعِلْمِ بِكَرَاهَتِهِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ. قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ جَهَالَةٍ) الْمُرَادُ الْجَهَالَةُ بِحَالِهِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَا هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ الْمُرَادُ جَهَالَةُ عَيْنِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ اهـ م د.

وَشَرْطُهُ أَيْضًا النُّطْقُ لِيَخْرُجَ الْأَخْرَسُ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ؛ لَكِنْ يُوَافِقُهُمَا مَا ذَكَرُوهُ فِي ضَابِطِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنَّهُ أَنْ يُعْتَدَّ بِإِشَارَتِهِ فِي غَيْرِ حَدَثٍ وَصَلَاةٍ وَشَهَادَةٍ فَرَاجِعْهُ ق ل. وَفِي أج أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَرَجَعَ إلَيْهِ الزِّيَادِيُّ فِي دَرْسِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَفَاسِقٍ) قَالَ حَجّ وَهَلْ يَحْرُمُ الْإِيصَاءُ لِنَحْوِ فَاسِقٍ عِنْدَهُ، أَيْ الْإِيصَاءُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فِسْقِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَكُونُ مُتَعَاطِيًا لِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ ظَاهِرًا، أَوْ لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا إثْمَ مَعَ الشَّكِّ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَتَرَجَّى صَلَاحَهُ لِوُثُوقِهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلْته وَصِيًّا إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ. وَوَاضِحٌ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَادُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي نَصْبِ غَيْرِ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِهِ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ لِاحْتِمَالِهِ تَغَيُّرَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْأَبُ لِوُثُوقِهِ بِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَجْهُولٍ) مَعْنَاهُ بِأَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ لَمْ تُعْرَفْ حُرِّيَّتُهُ وَلَا رِقُّهُ وَلَا عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ، لَا أَنَّهُ يُوصِي لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ ع ش. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ يَكُونُ صَحِيحًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْمَجْهُولِ مَا يَشْمَلُ مَجْهُولَ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بِهِ رِقٌّ) وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ تَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَا أَخَذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ مَنْعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْوِصَايَةِ وَلَا تَصِحُّ مَرْدُودٌ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِنَابَةِ ثِقَةٍ يَعْمَلُ عَنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ. اهـ. شَرْحُ م ر. بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) بِخِلَافِ عَكْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَا يَكْفِي) فَإِنْ سَلَّمَهُ الْمُوصِي الْمَالَ نَزَعَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلِلتُّهْمَةِ فِي الْبَاقِي) وَهُوَ الْعَدُوُّ. قَوْلُهُ: (مَعْصُومٍ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إيصَاءِ الْحَرْبِيِّ إلَى حَرْبِيٍّ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ لِيُفِيدَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَإِنَّ مُقَابِلَهُ الْمَنْعُ كَشَهَادَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (عَدْلٍ فِي دِينِهِ) أَيْ بِتَوَاتُرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَارِفِينَ بِدِينِهِ أَوْ بِإِسْلَامِ عَارِفَيْنِ وَشَهَادَتِهِمَا بِذَلِكَ م ر. قَوْلُهُ: (عَلَى كَافِرٍ) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْعَدَاوَةِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ إيصَاءُ الذِّمِّيِّ إلَى مُسْلِمٍ عَلَى أَوْلَادِهِ الذِّمِّيِّينَ، وَلَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ لِوَصِيِّهِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُوصِيَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَّا لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَفْتِيشٌ عَلَى أَيْتَامٍ كُفَّارٍ فِي أَمْوَالٍ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ أَوْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ وَلَا عَلَى أَطْفَالٍ تَحْتَ وِلَايَةِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ قَيِّمٍ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ) فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبُولِ ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ أَوْصَى) عِبَارَةُ م ر: فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا قَبْلَهُ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ اهـ وَهِيَ أَخْصَرُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَكْمَلَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ) وَيَكْفِي فِي الْفَاسِقِ إذَا تَابَ كَوْنُهُ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ عَمًى) وَقِيلَ يَضُرُّ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَا يَضُرُّ خَرَسٌ نَفْهَمُ إشَارَتَهُ، بِخِلَافِ مَا لَا نَفْهَمُ إشَارَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (إلَى حَفْصَةَ) هِيَ بِنْتُهُ وَزَوْجَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>