للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّصَرُّفِ إلَّا بِإِذْنِهِ لَهُ بِالِانْفِرَادِ عَمَلًا بِالْإِذْنِ. نَعَمْ لَهُ الِانْفِرَادُ بِرَدِّ الْحُقُوقِ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُوصِي وَالْوَصِيِّ رُجُوعٌ عَنْ الْإِيصَاءِ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ الْوَصِيُّ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلِيٌّ وَصِيًّا كَانَ أَوْ قَيِّمًا أَوْ غَيْرَهُ فِي إنْفَاقٍ عَلَى مُوَلِّيهِ لَائِقٍ بِالْحَالِ لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ بَلْ الْمُصَدَّقُ مُوَلِّيهِ إذْ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ.

وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى زَيْدٍ حُمِلَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى التَّبَرُّكِ، وَلَوْ خَافَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَالِ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ فَلَهُ تَخْلِيصُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمِنْ هَذَا لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الْأَوْلَادِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا بِمَوْتٍ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةٍ أَوْ عَدَمِ قَبُولٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُ، وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُ الْآخَرِ مُسْتَقِلًّا فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ وَلَوْ مَاتَا لَزِمَ الْحَاكِمَ نَصْبُ اثْنَيْنِ مَكَانَهُمَا ق ل وَس ل.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُوصِي. وَقَوْلُهُ: " لَهُ " أَيْ لِلْأَحَدِ. قَوْلُهُ: (بِالِانْفِرَادِ) كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْتُ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيِّي أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ، وَتَصَرُّفُ السَّابِقِ مِنْ الْمُنْفَرِدِينَ نَافِذٌ وَيَرْجِعُ فِي كَوْنِهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْحَاكِمِ وَلَهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ إنْ تَنَازَعَا وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ فِي حِصَّتِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ لِمُشْرِفٍ وَلَا نَاظِرٍ حِسْبَةُ تَصَرُّفٍ بَلْ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ وَإِذْنِهِ إلَّا فِي نَحْوِ خَسِيسٍ كَحُزْمَةِ بَقْلٍ، وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ، فَإِنْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى اعْمَلْ وَيَكُونُ عَمَلُك بِرَأْيِهِ وَهَكَذَا امْتَنَعَ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ رُجُوعٌ عَنْ الْإِيصَاءِ) تَعْبِيرُهُ بِالرُّجُوعِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِالْعَزْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْعَزْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيِّ نَظَرًا فَإِنَّ الْعَزْلَ فَرْعُ الْوِلَايَةِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِابْنِ حَجَرٍ: تَنْبِيهٌ تَسَمَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي إطْلَاقِ الْعَزْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيِّ فَإِنَّ الْعَزْلَ فَرْعُ الْوِلَايَةِ. وَلَا وِلَايَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالرُّجُوعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْعَزْلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ لَكِنَّهُ غَلَبَ الْعَزْلُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَتَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْمُوصِي عَنْ الْإِيصَاءِ عَزْلًا مَعَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ مَجَازٌ، وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ إذَا قُطِعَ السَّبَبُ الَّذِي هُوَ الْإِيصَاءُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ أَوْ بِعَدَمِ قَبُولِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ وَعَزْلُهُ نَفْسَهُ وَلَا يَنْفُذُ الْعَزْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَازَهُ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَزْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا؛ وَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ كَانَ الْوَصِيُّ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ وَعَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُغْتَفَرُ حِينَئِذٍ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ؛ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَا يَنْعَزِلُ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) إلَّا الْحَاكِمُ فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ عَزَلَ ح ل. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: قَوْلُهُ: " أَوْ غَيْرَهُ " شَمِلَ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَكَذَا الْحَاكِمُ عَلَى الْأَوْجَهِ، فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِالْيَمِينِ سَوَاءٌ قَبْلَ الْعَزْلِ وَبَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فِي إنْفَاقٍ) أَيْ وَفِي تَلَفِ الْمَالِ كَمَا فِي الرَّوْضِ، وَلَعَلَّهُ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ.

قَوْلُهُ: (لَائِقٍ) أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ بِيَمِينِهِ قَطْعًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ لَائِقٌ أَوْ لَا وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خِيَانَتِهِ أَوْ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ أَوَّلِ مِلْكِهِ لِلْمَالِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ مِنْهُ صُدِّقَ الْوَلَدُ بِيَمِينِهِ وَكَالْوَصِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ وَارِثُهُ اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ) وَلَا بَيْعِهِ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، إلَّا الْأَبَ وَالْجَدَّ وَالْأُمَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمْ ح ل.

قَوْلُهُ: (بَلْ الْمُصَدَّقُ مُولِيهِ) أَيْ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْمِنْهُ.

قَوْلُهُ: (تَخْلِيصُهُ) أَيْ افْتِدَاؤُهُ.

قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ مِنْهُ) يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي أَصْلِهِ وَفِي قَدْرِهِ، وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] أَيْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ادَّعَى دَفْعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ لِلظَّالِمِ بِسَبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>