للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا لِقَاضِي سُوءٍ لَانْتَزَعَ مِنْهُ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ لِبَعْضِ خَوَنَتِهِ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى اسْتِئْصَالِهِ، وَيَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ تَعْيِيبُ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ لِحِفْظِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ كَمَا فِي قِصَّةِ الْخِضْرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَاذِبٌ.

قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا لِقَاضِي إلَخْ) وَيَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى بِهِ الظَّالِمُ وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذَا نَازَعَهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي بَذْلِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَدُلَّ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ، شَرْحُ الرَّوْضِ. وَيُبْذَلُ بِضَمِّ الذَّالِ مُضَارِعُ بَذَلَ مِنْ بَابِ قَتَلَ أَيْ يُعْطَى كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. قَوْلُهُ: (إلَى اسْتِئْصَالِهِ) أَيْ أَخْذِهِ بِالْكُلِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (يَجُوزُ تَعْيِيبُ مَالِ الْيَتِيمِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ نَازَعَهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لِهَذَا الْغَرَضِ فَهَلْ يُصَدَّقُ؟ يُنْظَرُ إنْ دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا قَالَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: ٧٩] الْآيَةَ أَيْ حَيْثُ خَرَقَ السَّفِينَةَ لِئَلَّا يَغْصِبَهَا الْمَلِكُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ نَبِيٌّ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: الْخَضِرُ لَقَبٌ لَهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ لَكِنَّهُ خُفِّفَ بِسُكُونِهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَاخْضَرَّتْ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ؛ وَاسْمُهُ بِلْيَا بْنُ مَلَكَانِ بْنِ فَالِغَ بْنِ شَامِخِ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ.

خَاتِمَةٌ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِجَوَازِ بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفَقَتِهِ بِنِهَايَةِ مَا دَفَعَ فِيهِ وَإِنْ رُخِّصَ لِضَرُورَةٍ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ وَقْفَةٌ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِاقْتِرَاضُ أَوْ الِارْتِهَانُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِلضَّرَرِ أَوْ يُقَالُ حَيْثُ انْتَهَتْ الرَّغَبَاتُ فِيهِ بِقَدْرٍ كَانَ ثَمَنَ مِثْلِهِ وَالرُّخَص لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ يَكُونُ غَالِيًا وَقَدْ يَكُونُ رَخِيصًا اهـ ع ش عَلَى م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>