مِثْلِهَا، أَوْ لَمْ تَرْضَ بِنِكَاحِهِ لِقُصُورِ نَسَبِهِ وَنَحْوِهِ، أَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَنْ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ كَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ، أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ هَرِمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ عَنْ بَلَدِهِ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا. وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُحْتَمِلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ، أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّةَ قَصْدِ الْحُرَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ. وَيَجِبُ السَّفَرُ لِلْحُرَّةِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمَقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ وَالرُّخَصُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ. وَلَا يَمْنَعُ مَالُهُ الْغَائِبُ نِكَاحَ الْأَمَةِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ بِبَيْعِ مَسْكَنِهِ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ، وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَرْضَى بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ، أَوْ تَرْضَى بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ وَاجِدُهُ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَصِيرُ مَشْغُولَةً فِي الْحَالِ وَقَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ دُونَ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَالْمِنَّةُ فِي ذَلِكَ قَلِيلَةٌ إذْ الْعَادَةُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمُهُورِ. وَلَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِلَا مَهْرٍ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَيْضًا لِوُجُوبِ مَهْرِهَا بِالْوَطْءِ.
(وَ) ثَانِي الشُّرُوطِ (خَوْفُ الْعَنَتِ) وَهُوَ الْوُقُوعُ فِي الزِّنَا بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. وَفِي ع ش مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ فَحُرِّرَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) كَدَنَاءَةِ حِرْفَتِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَنْ لَا تَصْلُحُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ غَايَةً، أَيْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (كَصَغِيرَةٍ إلَخْ) وَهَلْ الْمُتَحَيِّرَةُ كَاَلَّتِي تَصْلُحُ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: نَعَمْ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: إنْ كَانَتْ نَفْسُهُ تَعَافُهَا فَهِيَ كَالْعَدَمِ وَإِلَّا فَكَالَّتِي تَصْلُحُ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّهَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ مَا لَمْ يَخَفْ الزِّنَا زَمَنَ تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْمُتَحَيِّرَةُ صَالِحَةٌ فَتَمْنَعُ الْأَمَةَ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ أَمِنَ الْعَنَتَ زَمَنَ تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْ فَلَا تَمْنَعُهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً نَظَرًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا ذَكَرَهُ ح ل بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ صَالِحَةٍ وَتَوَقُّعُ شِفَائِهَا لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ ضَعِيفٌ فَاحْذَرْهُ.
قَوْلُهُ: (لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ) أَيْ وَطْأَهُ، وَإِنْ احْتَمَلَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ س ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ هَرَمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ أَوْ كَانَتْ زَانِيَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ فَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَوْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، إنْ كَانَتْ بَائِنًا فَلَا يُشْتَرَطُ انْقِضَاؤُهَا كَمَا فِي ح ل. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيْ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ الْحَاضِرَةِ، أَمَّا الْغَائِبَةُ فَمَا حُكْمُهَا؟ فَقَالَ: فَلَوْ قَدَرَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُنْسَبَ. . . إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ. وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ لَوْمٌ وَتَعَيُّرٌ مِنْ النَّاسِ بِقَصْدِهَا ق ل. فَقَوْلُهُ: " وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ " أَيْ الْعَادَةُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَمْ يَخَفْ الزِّنَا مُدَّةَ السَّفَرِ فَلَا تَحِلُّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ السَّفَرُ، فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمَدَابِغِيُّ؛ لَكِنْ الْأَوَّلَانِ أَحَدُهُمَا يَكْفِي فَهُوَ شَرْطٌ مُرَدَّدٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَالرُّخَصُ) أَيْ الَّتِي مِنْهَا نِكَاحُ الْأَمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُ مَالُهُ الْغَائِبُ) وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ) أَمَّا إذَا عُلِمَ قُدِّرَتْ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي التَّيَمُّمِ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ عِنْدَ حُلُولِهِ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ اهـ زي.
قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ مَهْرِهَا بِالْوَطْءِ) وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا قَدْ تُنْذَرُ لَهُ بِإِسْقَاطِهِ إنْ وَطِئَ لِلْمِنَّةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ اهـ م ر. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْوُقُوعُ) فِيهِ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْعَنَتَ اسْمٌ لِلزِّنَا لَا الْوُقُوعِ فِيهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْوُقُوعُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي الْمَتْنِ، أَيْ خَوْفَ وُقُوعِ الزِّنَا؛ وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَفْسِيرَ الْعَنَتِ بِالْوُقُوعِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَتَسْمِيَةُ الزِّنَا بِالْعَنَتِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا سَبَبٌ وَالْمُسَبَّبَ الْمَشَقَّةُ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ) وَلَوْ عِنِّينًا وَخَصِيًّا. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْعِنِّينَ كَالْمَمْسُوحِ لَا يَخْشَى الْعَنَتَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ آلَةِ الزِّنَا فِيهِ كَالْخَصِيِّ بِخِلَافِ