للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِينَئِذٍ (أَنْ يَنْظُرَ إلَى) كُلِّ بَدَنِهِمَا حَالَ حَيَاتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ (مَا عَدَا الْفَرْجَ) الْمُبَاحَ مِنْهُمَا، فَلَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِلَى بَاطِنِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا رَأَيْت مِنْهُ وَلَا رَأَى مِنِّي» أَيْ الْفَرْجَ. وَأَمَّا خَبَرُ: «النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ يُورِثُ الطَّمْسَ» أَيْ الْعَمَى كَمَا وَرَدَ كَذَلِكَ، فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي الضُّعَفَاءِ بَلْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ، وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَحَسُنَ إسْنَادُهُ وَقَالَ: أَخْطَأَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ الْحُرْمَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ يُورِثُ الْعَمَى فَقِيلَ فِي النَّاظِرِ وَقِيلَ فِي الْوَلَدِ وَقِيلَ فِي الْقَلْبِ، وَنَظَرُ الزَّوْجَةِ إلَى زَوْجِهَا كَنَظَرِهِ إلَيْهَا.

تَنْبِيهٌ شَمِلَ كَلَامُهُمْ الدُّبُرَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ: وَالتَّلَذُّذُ بِالدُّبُرِ بِلَا إيلَاجٍ جَائِزٌ صَرِيحٌ فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الدَّارِمِيُّ وَقَالَ بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ. وَيَسْتَثْنِي زَوْجَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَيَحِلُّ مَا سِوَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى عَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ مَا بَعْدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْظُرَ إلَخْ لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَيَسْتَثْنِي زَوْجَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَذْفَ مِنْ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ حَلَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْظُرَ) خَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ، فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّهِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ اهـ.

قَوْلُهُ: (حَالَ حَيَاتِهِمَا) قُيِّدَ فِيهِمَا، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ فِي الْأَمَةِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِالْمُقَايَسَةِ وَخَرَجَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَحْرُمُ بِشَهْوَةٍ كَمَا قَالَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (الْمُبَاحِ) أَخْرَجَ الْفَرْجَ الَّذِي لَا يُبَاحُ وَطْؤُهُ وَهُوَ الدُّبُرُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ مَعَ تَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا. وَلَا كَرَاهَةَ فِي نَظَرِ الدُّبُرِ لَكِنْ فِي الَأُجْهُورِيُّ عَنْ م ر أَنَّهُ يُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ، فَمَا فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ أَنَّ الدُّبُرَ لَا كَرَاهَةَ فِي النَّظَرِ إلَيْهِ سَهْوٌ وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ الشَّارِحِ الْفَرْجَ بِالْمُبَاحِ لِإِخْرَاجِ الدُّبُرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْفَرْجِ سَوَاءٌ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ عَائِشَةُ إلَخْ) هَذَا لَيْسَ نَصًّا فِي الْكَرَاهَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَفْيُهَا الرُّؤْيَةَ لِشِدَّةِ الْحَيَاءِ. قَوْلُهُ: (فِي الضُّعَفَاءِ) أَيْ فِي الْأَحَادِيثِ الضُّعَفَاءِ. قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى بِالنَّظَرِ) أَيْ بِالْبَصِيرَةِ وَقَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ أَيْ بِالْبَصَرِ.

قَوْلُهُ: (وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ خَالَفَ ابْنَ حِبَّانَ فِي عَدِّهِ فِي الضُّعَفَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَحَسَّنَ إسْنَادَهُ) أَيْ نَقَلَ تَحْسِينَهُ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا يُمْكِنُ التَّحْسِينُ فِي زَمَانِنَا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ) أَيْ حُمِلَ النَّهْيُ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (يُوهِمُ الْحُرْمَةَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: مَا عَدَا الْفَرْجَ، فَيُوهِمُ إخْرَاجَهُ مِنْ طَرَفِ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (كَنَظَرِهِ إلَيْهَا) أَيْ جَائِزٌ، وَلَيْسَ التَّشْبِيهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يُكْرَهُ نَظَرُهَا لِفَرْجِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ فِي الدُّبُرِ بِلَا مَانِعٍ لَهُ أَيْ لِلنَّظَرِ لِكُلٍّ.

قَوْلُهُ: (شَمِلَ كَلَامُهُمْ) أَيْ الْأَئِمَّةِ، وَأَمَّا كَلَامُهُ فَلَا يَشْمَلُ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْفَرْجَ بِالْمُبَاحِ فَأَخْرَجَ الدُّبُرَ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الْإِمَامِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ. قَوْلُهُ " صَرِيحٌ ".

قَوْلُهُ: (وَالتَّلَذُّذُ بِالدُّبُرِ بِلَا إيلَاجٍ جَائِزٌ) شَامِلٌ لِمَسِّهِ بِذَكَرِهِ بِلَا إيلَاجٍ سم. وَقَوْلُهُ " صَرِيحٌ فِيهِ " أَيْ فِي الشُّمُولِ. قَوْلُهُ: (بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ) أَيْ الدُّبُرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّبُرَ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: قِيلَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ.

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَثْنِي) أَيْ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ، وَأَمَّا عَلَى تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَكَانَ الْأَوْلَى، وَخَرَجَ بِحِلِّ التَّمَتُّعِ إلَخْ أَوْ يَقُولُ أَمَّا الَّتِي يَحِلُّ إلَخْ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا بِالنَّظَرِ لِكَلَامِ الْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ مَا سِوَاهُ) أَيْ مَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ إذَا مَنَعَتْهُ مِنْ النَّظَرِ. وَقَوْلُهُ " فَلَهَا النَّظَرُ " مَا لَمْ يَمْنَعْهَا فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ النَّظَرُ لِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ، هَذَا مَا تَحَرَّرَ بَعْدَ التَّوَقُّفِ ز ي. وَفِي ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا، أَيْ فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَوْرَةِ، وَكُتِبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا اعْتَمَدَ ابْنُ حَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>