للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهَا لِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ نَظَرَ إلَيْهِمَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ قَصْدُ التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ الْمُجَرَّدِ وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ حَرُمَ قَطْعًا، وَكَذَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ. وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] وَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْجُمْهُورِ وَالشَّيْخَانِ لِلْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّوَابُ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ اهـ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْقَصْدِ مَا إذَا حَصَلَ النَّظَرُ اتِّفَاقًا فَلَا إثْمَ فِيهِ

(وَ) الضَّرْبُ (الثَّانِي نَظَرُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (إلَى) بَدَنِ (زَوْجَتِهِ وَ) إلَى بَدَنِ (أَمَتِهِ) الَّتِي يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا (فَيَجُوزُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَدْعُو صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْفِتْنَةِ؛ لِأَنَّهَا مَيْلُ النَّفْسِ إلَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا بِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَظَرَ إلَيْهِمَا) أَيْ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الشَّهْوَةُ قَصْدُ التَّلَذُّذِ، أَيْ وَهِيَ التَّلَذُّذُ بِالنَّظَرِ الْمَقْصُودِ لِيُوَافِقَ تَفْسِيرَ غَيْرِهِ لَهَا بِأَنَّهَا التَّلَذُّذُ بِالنَّظَرِ، فَلَا مُخَالَفَةَ وَلَا إيرَادَ.

قَوْلُهُ: (الْمُجَرَّدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ جِمَاعٍ وَلَا مُقَدِّمَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَوَجَّهَهُ) أَيْ تَحْرِيمَ النَّظَرِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ.

قَوْلُهُ: (سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ) أَيْ كَاشِفَاتٍ لَهَا.

قَوْلُهُ: (وَمُحَرِّكٌ) أَيْ مُثِيرٌ لَهَا.

قَوْلُهُ: (سَدُّ الْبَابِ) أَيْ بَابِ النَّظَرِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا. وَقَوْلُهُ " وَالْإِعْرَاضُ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ) أَيْ بَيْنَ الشَّهْوَةِ وَالْفِتْنَةِ وَعَدَمِهَا وَالْعَدَالَةِ وَعَدَمِهَا. قَوْلُهُ: (كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَصِّلُوا فِي ذَلِكَ بَلْ حَرَّمُوا الِاخْتِلَاءَ بِهَا مُطْلَقًا سَدًّا لِبَابِ الْفَسَادِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ) أَيْ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.

قَوْلُهُ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١] أَيْ مَوَاضِعَهَا، أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ الزِّينَةَ عَلَى مَحَلِّهَا مَجَازًا.

وَقَوْلُهُ: {إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أَيْ إلَّا مَا غَلَبَ ظُهُورُهُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فِي الْآيَةِ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ؛؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَيُبْدِينَهُ أَيْ يُظْهِرْنَهُ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ هَذَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ وَارِدَةٌ فِي عَوْرَةِ الصَّلَاةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَامَّةٌ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ. قَوْلُهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ) أَيْ الدَّلِيلِ وَالْمَأْخَذِ، أَيْ فَالْمُدْرَكُ وَهُوَ الدَّلِيلُ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ الْحُرْمَةِ؛ وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ لِلِاحْتِيَاطِ اهـ م د، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الِاسْتِدْرَاكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّك إنْ نَظَرْت لِقَوْلِهِ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [النور: ٣٠] وَلِقَوْلِهِ سَدُّ الْبَابِ رَجَّحْت الْحُرْمَةَ، وَإِنْ نَظَرْت لِقَوْلِهِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] رَجَّحْت جَوَازَ النَّظَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالصَّلَاةِ. وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِلدَّلِيلِ، أَمَّا الْفَتْوَى وَالْمَذْهَبُ فَعَلَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ مِنْ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا؛ ثُمَّ رَأَيْت فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ أَنَّ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ، أَيْ أَنَّ الْمُدْرَكَ مَعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ سَدُّ بَابِ النَّظَرِ اهـ. وَالْمُدْرَكُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَحَلُّ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ الدَّلِيلُ وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (شَامِلٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ حُرْمَةِ النَّظَرِ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ. قَوْلُهُ: (اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ.

قَوْلُهُ: (نَظَرُهُ) وَكَذَا مَسُّهُ حَتَّى الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي الْمَسِّ، بِخِلَافِ نَظَرِ الْفَرْجِ فَيُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (الَّتِي يَحِلُّ إلَخْ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُشْتَرَكَةُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الَّتِي يَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِمَا لِيَرْجِعَ لِلزَّوْجَةِ أَيْضًا لِتَخْرُجَ الرَّجْعِيَّةُ وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي يَحِلُّ إلَخْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>